متى يفرق العرب بين الرفض وحرية الرأي..؟

TT

احتج، في الاسبوع الماضي، العديد من الزملاء والاصدقاء وافراد الاسرة على مقالي الاخير في صحيفة صاندي اكسبريس وتعليقاتي في التلفزيون والراديو فيما يتعلق بوجهة نظري حول مقالة كيلروي سيلك حول العرب. وقد اثارت وجهات نظره الكثير من الجدل واجبرته على الاستقالة من هيئة الاذاعة البريطانية.

وكان من الصعب للغاية على اسرتي والعديدين في الجالية العربية في بريطانيا استيعاب انني لا ادافع عن ما قاله بخصوص العرب والمسلمين ولكني كنت ادافع عن حقه المطلق في التعبير عن وجهة نظره.

بالنسبة لي فإن حرية الرأي والتعبير هي مطلب حيوي ومبدأ اساسي بالنسبة لنا جميعا.

ان العديد من الحكومات في العالم العربي تحرم شعوبها هذا الحق وكنت دائما ما اصر على ان الحكومات العربية ستتمتع بشعبية اكبر اذا ما سمحت بحرية التعبير بدون الخوف من العواقب.

لقد كنت دائما اؤمن بأن الانتقادات ووجهات النظر المختلفة ظاهرة صحية لأنها تمنح الفرصة للنقاش والاختلاف. وقد فتحت آراء كيلروي سيلك الباب امام الكثير من النقاش في الاسبوعين الماضيين.

وقد اعتبرت وجهة نظره عنصرية واثارت الغضب سواء في الاعلام العربي او البريطاني. وبالنسبة لي تفتقر المقالة للحساسية وتكشف عن فهم سطحي للتعقيدات في العالم العربي.

وبالاضافة الى ذلك فأنا اؤمن بأن كيلروي سيلك هو مضيف خفيف الوزن لبرنامج دردشة. ولو كان عضوا في الحكومة البريطانية او المعارضة او واحداً من الصحافيين البريطانيين الخبراء في شؤون الشرق الاوسط، وتبنى مثل هذه الاراء لاختلف الامر. والاكثر من ذلك فإن كيلروي سيلك ابدى العديد من الاراء المثيرة للجدل كان اخرها عن الشعب الايرلندي. وفي النهاية تقدم باعتذار رسمي. غير ان الامر بالنسبة لي هو ان ما يهم هو رد الفعل الهائل في وسائل الاعلام. ففي الاسبوعين الماضيين نشرت وسائل الاعلام البريطانية وعرضت كل وجهات النظر المختلفة من العرب والمسلمين والرأي العام البريطاني. وكتب العديد من الصحافيين البريطانيين مقالات تحمل وجهات نظر في غاية الجودة عن التاريخ والحضارة العربية، وقد كان ذلك بالنسبة لي نتيجة ايجابية لمقاله. لقد قدمت تعليقاته الاستفزازية منصة لعديد من العرب والمسلمين لابداء وجهات نظرهم. وبالنسبة للمقالة نفسها، فقد اثارت بعض النقاط الحقيقية. فالحقيقة ان تعريف كلمة ديموقراطية لا ينسجم والحكومات العربية. فالعديد من الحكومات العربية تتجاهل حكم القانون ولا تبدي اهتماما بالقواعد الاساسية لحقوق الانسان. وتعامل بعض الحكومات العربية الدول التي تحكمها كأنها ملكية خاصة. وتتغير الدساتير بطريقة اعتباطية وتتحدد حقوق الانسان طبقا للمزاج.

ويوجد الكثير من الظلم في العالم العربي. ولا يبدي القادة العرب الا اهتماما كاذبا بالقضية الفلسطينية. الا ان الحقيقة ان المئات من الفلسطينيين يعيشون بعد مرور عدة عقود من الزمن في معسكرات للاجئين حول العالم العربي. وليس للفلسطينيين اية حقوق تذكر. وتنتشر التفرقة العنصرية في العالم العربي ويوجد جيل من الرجال والنساء الغاضبين والمحبطين الذين حرموا من اكثر الحقوق اساسية.

غير ان وصف العرب كما فعل كيلروي بأنهم قاطعوا الاطراف ولم يساهموا بشيء في العالم المتحضر هو جهل اكثر من كونه عنصرية. فكل طفل مدرسة تقريبا يعرف ان العرب هم الذين قدموا الطريقة التي نكتب بها الارقام والابجدية. ان الحضارة العربية غنية في تنوعها. وشعبها يتميز بالدفء والكرم.

لقد عبرت الجاليات العربية والاسلامية عن غضبها من تعليقات كيلروي، ناسية ان حرية التعبير هو المفهوم غير الموجود في الشرق الاوسط بلا عواقب وخيمة. ان حرية التعبير هي واحدة من الاعمدة الحيوية للديموقراطية وبصفتي امرأة عربية مسلمة احث قادتنا على عدم الخوف من الانتقادات الشرعية في الاعلام العربي. ان القادة الاميركيين والاوروبيين والبريطانيين يتعرضون يوميا لانتقادات في وسائل الاعلام الغربية. وهو لا يحط من سلطاتهم ولكنه يمنح الرأي العام الحق الاساسي في معرفة ما يحدث في الحكومة.

والاهم من كل ذلك انه يجبر القيادات المنتخبة على ان تكون مسؤولة امام ناخبيها. وللاسف فهذا غير موجود في العالم العربي، ولذا فإذا استمرت الحكومات العربية في النظام السياسي الحالي بدون اجراء اصلاحات فإنها ستبقى غير فاعلة على الساحة الدولية.

وأنهي مقالي بما قاله فولتير الفيلسوف الفرنسي عندما قال «ربما لا اوافق على ما تقوله... ولكني سأدافع عن حقك في قوله حتى الموت».