مشاهد سورية الأربعة (1 ـ 4)

TT

تبدو الحالة السورية في الشرق الأوسط حالة تستحق البحث والتأمل. والذين يحبون سورية ويريدون لها الخير عليهم ان يتحدثوا بلغة صريحة وواضحة من منطلق ان صديقك من صدقك لا من صدقك!!

المشهد السوري مشهد فريد في الشرق الاوسط، فكل طرف بحث عن مصلحته ووضع طريقة للوصول الى هذه المصلحة ونجح في النهاية في الوصول الى هدفه. وسورية تبدو الآن بعد التطورات الدراماتيكية في العراق وبعد ما حدث في طرابلس الغرب، وما سيحدث في السودان تحت رعاية الولايات المتحدة8 بحاجة الى «حركة ما»، وهي بحاجة الى ان تتأكد ان اخطر طريق يمكن ان تسلكه سورية هو طريق الانتظار، او الاعتقاد بان الزمن حلال المشاكل. واذا كانت نظرة الرئيس الراحل حافظ الاسد تتلخص في ما استمعنا اليه منه كثيرا «بانني اذا لم انجح في تحرير الارض فسأتركها للجيل المقبل»، فان الرئيس الراحل كان يتحدث في عصر مختلف ونظام دولي مختلف وشرق اوسط مختلف وحركة سياسية هائلة ومختلفة.

كل طرف في الشرق الأوسط رتب اموره وحرر ارضه، وكل طرف اختار الطريق الذي اعتقد انه صحيح بدءاً بالزيارة الشهيرة للرئيس الراحل انور السادات حين ذهب الى القدس ووقع اتفاقية صلح منفرد وعاقبه العرب وطردوا مصر من الجامعة وحدث ما حدث، لكن الحقيقة هي ان الامور بخواتيمها وان ارض سيناء عادت الى مصر وعاد العرب الى القاهرة... وانتهاء بحالة المقاومة اللبنانية التي اختارت طريق التحرير فوضعت ارادة لهذا التحرير وادارة لهذا التحرير، وظلت ظاهرة مقاومة لا تدخل لعبات ودهاليز الصراع الطائفي اللبناني وابتعدت عن التعقيدات والمواقف المتناقضة في القضايا العربية، ولان الامور بخواتيمها فان جنوب لبنان قد تحرر واسرائيل قد انسحبت.

سورية تبدو بلا خيار استراتيجي في قضية تحرير الجولان. فسورية تضع عيناً على ارضها المحتلة، وعيناً على حسابات اقليمية اخرى قد تكون المراهنة عليها ستؤدي الى طريق مسدودة والاسرائيليون سعداء بان سورية لم تطرح آلية معينة للتحرك السياسي، واسرائيل انزعجت اذا تذكرنا التفاصيل حين قام الراحل حافظ الاسد بالاجتماع بالرئيس كلينتون وعندما بدأ الحديث في التفاصيل والخلاف على مياه بحيرة طبريا وتم تجميد المسألة منذ ذلك الوقت، وسورية الان لن تذهب بالتأكيد لعقد سلام على طريقة الراحل السادات، وليس هناك امكانية فعلية للتحرير على طريقة المقاومة اللبنانية، وليس هناك خارطة طريق سورية ولذلك فان مبادرة سورية شجاعة ومعقولة وهي خطوة ضرورية شريطة ان يتوقف التناقض في المواقف السورية حيث يقول مسؤول سوري اننا على استعداد للتباحث من الصفر، وتقول جريدة «البعث» الرسمية ان سورية لن تبدأ الا من حيث انتهت المفاوضات. وكل الخوف ان تستمر حالة الجمود التي لا تخدم احداً سوى الاسرائيليين. وللحديث بقية.