هؤلاء يرفضون الضغط!

TT

نادرا ما تجري أبحاث تدرس تأثير العلاقات الاجتماعية على ضغط الدم لدى الإنسان المتفاعل اجتماعيا، ودائما يتم اختبار ضغط الدم في العيادة والمعمل، لذلك كانت أهمية البحث الذي أجرته جوليان هولت الأستاذة المساعدة لعلم النفس والتي قامت فيه باختبارات ضغط الدم أثناء العلاقات والتفاعلات الاجتماعية خلال الحياة اليومية للإنسان.

في البحث الذي نشر بمجلة الجمعية الأميركية للطب النفسي، أجرت الدكتورة جوليان هولت بمساعدة من فريق البحث الذي تشرف عليه عدة دراسات على 102 شخص من خلال ارتداء أجهزة لقياس ضغط الدم تحت الملابس ولمدة ثلاثة أيام على التوالي، وعند كل تفاعل اجتماعي يقوم به الشخص يضغط على زر الجهاز الذي يسجل الكترونيا ضغط الدم. كما قام كل شخص من الأشخاص الذين شملهم البحث بتسجيل مذكرات يومية عن تعاملاتهم وبالإجابة على أسئلة حول طبيعة علاقاتهم الاجتماعية.

بعد تحليل نتائج البحث والدراسات وحساب بعض العوامل مثل النشاط البدني والغذائي اكتشف الباحثون أن التعامل مع الذين نكن لهم مشاعر متناقضة أو متضاربة أو مختلطة يمكن أن يرفع من ضغط دمنا، واتضح أيضا أن ضغط الدم يرتفع بمعدلات أكبر تجاه الذين نكن لهم مشاعر متضاربة ومتناقضة ومختلطة أكثر من الذين نكن لهم مشاعر سلبية تماما. وعلى سبيل المثال يمكن لشخص أن يكن مشاعر متناقضة لأمه التي يحبها كثيرا لكنه في بعض الأحيان قد يراها لا تحتمل لكثرة طلباتها وانتقاداتها، كما يمكن لشخص آخر ان يكن مشاعر متناقضة لصديقه الذي يضفي على حياته الكثير من المرح في الوقت نفسه الذي يجد فيه منافسا له في العمل.

كما اكتشف الباحثون أيضا أن الواحد منا يشعر بعد ارتياح من المشاعر المتناقضة التي يكنها لشخص ما في حين أن شعورا أكثر بالارتياح ينتابنا عندما نكن مشاعر سلبية كالكراهية لشخص آخر، والسبب في ذلك أن المشاعر المتناقضة ترفع من ضغط الدم بمعدل أكبر من المعدل الذي ترفع به المشاعر السلبية ضغط الدم، وتفسيب ذلك يتركز في أنه عندما نتعامل مع الذين نكن لهم مشاعر سلبية أو نوعا من الكراهية لا نتوقع خيرا منهم، وعندئذ أما أن نحاول تجنبهم أو نسقطهم تماما من حساباتنا، أما بالنسبة للأشخاص الذين نكن لهم مشاعر متضاربة إيجابية وسلبية معا في الوقت نفسه فإننا نتوقع منهم أو نأمل فيهم شيئا إيجابيا، وعندما يخيب توقعنا وأملنا في الشيء الإيجابي ينتابنا ارتفاع في ضغط الدم.

تقول الدكتورة كاثلين لايت أستاذة علم النفس ومديرة برنامج التوتر والصحة بجامعة «نورث كارولينا»، إن الناس يميلون إلى التفاعلات الإيجابية مع أفراد العائلة، وحتى عندما تكون هناك تفاعلات سلبية بين الأقارب لا يرتفع ضغط الدم بين أفراد العائلة بنفس القدر الذي يرتفع فيه عندما تكون هناك تفاعلات سلبية مع الآخرين، وربما يكون ذلك سببا في طول العمر المتوقع وفي العيش حياة صحية أفضل بين الذين لديهم علاقات أسرية قوية.

كما ثبت أن للعلاقات الاجتماعية تأثيرا إيجابيا على الأمراض التي تؤدي إلى الوفاة في الدول الصناعية المتقدمة مثل أمراض شرايين القلب التاجية والتي يكون ارتفاع ضغط الدم سببا مباشرا فيها.