معارك أبناء سام

TT

ان يكون السفير الاسرائيلي بالسويد قزما ثقافيا كما وصفه فنان اسرائيلي، صفة مفهومة من السياق، فاللوحة التي خربها السفير الهمجي اسمها (سنو وايت وجنون الحقيقة)، وفي قصة سنو وايت سبعة أقزام والسفير ـ مع استبعاد لطفهم ـ ثامنهم اما غير المفهوم فهو نقل شارون هذه المعركة الفنية الى ساحة معاداة السامية فقد مدح الرجل الذي ظهر كثيرا في الصحافة الاوروبية كمصاص دماء اطفال سفيره لوقفته الصلبة في وجه الموجة الجديدة لمعاداة السامية في اوروبا.

ويبدو ان خلط عباس بدباس لم تعد سياسة عربية فقط بل اسرائيلية والجديد في البانوراما العامة انهم هم الذين بدأوا يفقدون أعصابهم ولسنا نحن، فقد تلقت المفوضية الاوروبية في بروكسل منذ اول شهر في العام الحالي ثلاثة اتهامات بمعاداة السامية من منظمات صهيونية والبقية تأتي والحبل على الجرار في استغلال هذه التهمة التي صارت لاسرائيل بقرة حلوبا لايريدون ذبحها مهما كان لونها حتى بأوامر الهية ومن ذا الذي يذبح بقرة تدر عليه المليارات.؟

وكان الرد المتوقع للمفوضية الاوروبية شجاعا ومنطقيا، فهي ترفض الخلط بين سياسات الدولة العبرية وموجة معاداة السامية فلا شيء يربط بين هدم بيوت واغتيال اشخاص وارتكاب مجازر جماعية في المخيمات وبين حوادث فردية معزولة عن سياقها تقع هنا او هناك في مجتمعات تغلي باقلياتها و بمشاكلها الداخلية، وما يجري بين العرب واليهود في فرنسا ليس آخر الامثلة.

ولا اعرف لماذا لا يترك العرب كل حروبهم الجانبية مؤقتا ويركزون على معركة واحدة لافهام اوروبا ان الشعوب العربية ايضا شعوب سامية أصيلة قبل العبرانيين، وان اسرائيل التي استغلت معاداة السامية في الغرب هي التي تبطش بالساميين ـ الفلسطينيين اكثر من غيرها فكل +مجازر الارض المحتلة وقعت ضد ساميين أقحاح وليس ضد حاميين او آريين.

باسم معاداة السامية استغلت اسرائيل الضمير الاوروبي لجيل ما بعد الحرب العالمية الثانية وحصلت على عشرات المليارات معظمها من المانيا فلما صار هناك مفوضية اوروبية ولم يعد بالامكان استغلال كل بلد على حدة وصارت تلك المفوضية تقدم مساعدات للفلسطينيين لاستكمال البنية التحتية لدولتهم الموعودة، استقوت اسرائيل باميركا على اوروربا وحاولت ان توقف تلك المساعدات لكن ومهما كانت الضغوط الاميركية فان دول اوروبا ليست جمهوريات موز تلوح لها واشنطن بالعصا الغليظة فتغيرعلى الفور سياساتها، فهنا ديمقراطية ورأي عام وأجهزة منتخبة لا يغيرها الا الذي انتخبها.

لقد فقد الصهاينة أعصابهم لأن المواطن الاوروبي بات يدرك ان الطائرات الاسرائيلية حين تقصف الفلسطينيين انما تدمر مع مطاراتهم ومؤسساتهم أموال دافع الضرائب الاوروبي المقدمة كمساعدات لذلك الشعب المكافح الذي باتت اوروبا تدرك عدالة قضيته، فالفنان الاسرائيلي في استوكهولم الذي اعتبر حتى مفجري ومفجرات القنابل ضحايا لسياسات حكومة بلاده، كان يخاطب بلوحته وعيا اوروبيا جديدا يفرق من القاعدة الى القمة بين السياسات الصهيونية العدوانية وبين ظواهر معاداة السامية.

وحين تعرف معظم قطاعات الرأي العام ان العرب ساميون وان معارك الشرق الاوسط بين ساميين يحاربون ساميين فان أهم ورقة لعبتها اسرائيل باتقان على مدار نصف قرن وجنت من خلفها مكاسب هائلة، سوف ترمى ويتم اهمالها خصوصا وان الاوساط الاكاديمية صارت مهيئة لتقول رأيها بدقة في توزيع الاعراق اكثر من أي وقت مضى.

ان منطقة الشرق الاوسط بالفعل وكما صورها الفنان الاسرائيلي ـ السويدي (درورفيلر) حوض كبير من الدماء لن يوقف نزيفه غير المبادرات الشجاعة للمتحضرين اما من يتلفون الاعمال الفنية بهمجية ومن يشجعونهم رسميا بعنجهية لا تخجل من انحطاطها فهم أصل الارهاب وفرعه في المنطقة.