اتصالات.. مرة ثانية!

TT

هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات المستحدثة أخيرا أعلنت أخيرا عن بدء اجراءات التأهيل المبدئي للترخيص لتقديم خدمات الهاتف الجوال، ومن المفروض ان تعلن النتيجة في شهر مارس (آذار) المقبل. وينتظر مستخدمو خدمة الهاتف الجوال في السعودية هذا الحدث بفارغ الصبر، فنظرا لاحتكار شركة الاتصالات السعودية هذه الخدمة، منذ نشأتها، تمكنت من تسعير هذه الخدمة بشكل فيه الكثير من الظلم والاستغلال والتجني على المستهلك وبأسلوب لا يتناسب أبدا حين مقارنته بنفس المعدلات مع الشركات الموجودة في العالم العربي، سواء أكان ذلك في اليمن، لبنان، مصر، الاردن، البحرين، سوريا، السودان، الامارات، قطر أو الكويت!!!. واذا كانت الشكوى المذكورة هنا تتناول الجانب التسعيري فهي أيضا تشمل الجانب الخدمي، فخيارات المنتجات والخدمات المقدمة من شركة الاتصالات السعودية لا تزال تعتبر متخلفة إذا ما قورنت مع ما يقدم من قبل الشركات الاخرى في الخارج. ولكن المأمول اليوم أيضا ان تتم عملية منح رخصة الجوال الجديدة بجدية وعدالة وأمانة وبمنتهى الشفافية، وان تتواصل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات ـ وهي الجهة الرسمية المعنية بذلك ـ مع الجمهور والإعلام لتوضيح كل خطوة وكل قرار وأسباب ذلك منعاً للغط والإشاعات. ولعل ما حصل في تجربة خصخصة حصة من شركة الاتصالات السعودية والبلبلة التي حدثت مع هذه التجربة كفيل بأن يجعلنا نتنبه لضرورة تقديم التجربة الجديدة هذه بصورة مختلفة تماما عما سبق. الاتصالات اصبحت في ثورة المعلومات التي نحياها الحصان الذي يجر العربة.. عربة الاقتصاد، ويمنحه الانطلاق والحماس المطلوب، وعليه فاننا بحاجة لممارسة صريحة لدور هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات كجهاز رقابي وتشريعي يحمي السوق ويرعى المستهلك ومصالحه بشكل موضوعي بعيدا عن «الضغوط والاغراءات» التي قد تتعرض لها الهيئة فتضر الاقتصاد ككل.

تجربة رخصة الجوال الثانية هي تجربة دقيقة وحساسة، بكيفية ادارتنا لتلك التجربة سنرسل رسائل مختلفة للعالم عن مدى جديتنا في مسيرة الاصلاح الاقتصادي التي نتحدث عنها منذ فترة. والتحدي الذي نحن فيه اليوم لم يعد أبدا يقبل المجاملات. وبلد بحجم السعودية يحتمل أكثر من مقدم لخدمة الاتصالات سواء كانت للهواتف الثابتة أو الجوالة، ويصل التقدير المدروس انه بإمكان ثلاث شركات ان تقدم خدمة الهاتف الجوال وثلاث شركات أخرى لتقدم خدمة الهاتف الثابت، وبالتالي هذه التجربة هي مقدمة لاجراءات مهمة لما قد يتأتى. تجربة الاتصالات السعودية حتى الآن مثيرة ولكنها ناقصة، تغطية الخدمة تعتبر متدنية مقارنة بغيرها من المناطق، وعليه فان معنى ذلك هو ان الفرص الاقتصادية للنمو هائلة ولو تمت ادارتها بشكل سليم فمن الممكن مضاعفة المصالح المنشودة. وإذا نجحت هذه التجربة من الممكن تقليدها في تجربة رخصة شركة الطيران الأخرى المنتظرة قريبا ان شاء الله. الاتصالات السعودية بخصخصتها التي تمت أخيرا أحدثت طفرة وإثارة مهمة في سوق الأسهم السعودية، واليوم بإصدار ترخيص جديد لمقدم خدمة جديد بشكل سوي وموضوعي من الممكن ان تحدث اثارة وحيوية أكبر للاقتصاد السعودي ككل وهو مطلوب للغاية.

[email protected]