حاربوا التطرف لا الحكومة الفرنسية

TT

سأل أحدهم مستنكرا هل كان الفرنسيون يعمدون إلى نزع حجاب الطالبات لولا أحداث سبتمبر الشهيرة؟

بلا تردد ايدته بنعم كبيرة. فاحداث الارهاب التي نفذتها جماعات اسلامية اصولية لم تبلغ في عددها وحجمها وعنفها اي جماعات أخرى في العالم. أصابت الكثير من دول العالم لا اميركا وحدها، حتى بدون ان نحسب العمليات العديدة التي احبطت، وحوكم او يحاكم مدبروها.

في هذا المناخ المشحون بالخوف من الاسلام والاسلاميين ومع ارتفاع مظاهر وافعال الاصولية الدينية بين الجالية المسلمة في فرنسا، صار طبيعيا ان تنقلب شريحة كبيرة من المجتمع الفرنسي الى معاداة المسلمين او التوجس منهم. ومع اننا كمسلمين نحاول ان نرفع صوتنا متبرئين مما يحدث ونشجبه في كل مناسبة الا ان مظهر المسلمين البارز، وليس بالضرورة الغالب، يوحي بعكس ذلك. يوحي بالتطرف فكرا وكلاما ولبسا. فالحقيقة المؤسفة هي ان الاصوليين سلبوا الرأي العام.

وبدل ان ينصرف المثقفون العرب الى محاربة السبب، كالارهاب والتطرف، انصرفوا الى الطعن في النوايا الفرنسية باسم الدفاع عن الحقوق الاساسية للمسلم المهاجر او المسلم الفرنسي. لم يأخذوا في الاعتبار الضرر الذي نجم عن الحالة الدينية المتطرفة التي اشاعها الأصوليون وتهدد مستقبل الجالية المسلمة، وهي حالة تطرف لم تعد تحتمل حتى في معظم مجتمعات متدينة، كدول الخليج. فاذا كان هذا حال المسلمين الذين يريدون التخلص من الفكر المتطرف والزوايا المظلمة فان الأوروبيين اولى بسن قوانين تحميهم.

وقد أصابت الحكومة الفرنسية كثيرا عندما أعلنت انها لم تعد تحتمل وسائل الاعلام التي تبث الكراهية، وتعني بها طبعا المحطات العربية. وشرعت في قطع دابر من يبث الضغينة. ما هي ردة الفعل العربية؟ متوقعة، اعتبرناها دعوة صهيونية رافضين ان نعترف بأن هذه الوسائل صارت ملكا للمتطرفين والغوغائيين، وهي مسؤولة بالفعل عن نشر الكراهية بين عموم المسلمين في انحاء العالم.. كراهية تخلط بين محاربة الظلم كمعاداة اسرائيل وبين اشاعة كراهية الديانات الأخرى وتحبب في التزمت. وليس في قولي مبالغة، فالكثير السيئ يقال علنا على قنوات تصل الى المسلمين في اوروبا ما يخجل الانسان من سماعه همسا في دورات المياه. هذه سيدة من هولندا تتصل لتسأل شيخا عربيا، «انا في بلد غير مسلم عاملني اهله معاملة لم اعرف مثلها، منحوني واولادي الجنسية، ويدفعون لي شهريا مخصصا اعاشيا، ويهب الجيران لسؤالي عن حالي وحاجتي ولم اجد منهم الا كل خير، وانا اسأل لأنني سمعت انه ينبغي ألا احب الكفار، فما رأيك؟»، وما أسخف من السؤال الا الجواب حيث يرد الشيخ المحترم، بأن هذه اشياء دنيوية ليست مهمة و«انت لست مضطرة لمحبتهم»! أين هذه النصيحة من الاسلام نفسه الذي يثني على الحاكم الكافر العادل ويذم الحاكم المسلم الظالم؟