أزمة إيران الخانقة

TT

الازمة الخانقة في الحياة السياسية في ايران وصلت الى مفترق طرق خطير، والامر اللافت ان كل المؤسسات المتصارعة تنتظر كلمة من مرشد الجمهورية الذي ما زال صامتا، وهو ما يطرح تساؤلا كبيرا حول المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية اذا كانت الامور في النهاية سيحددها شخص واحد.

الرئيس خاتمي استخدم اقسى العبارات ضد المحافظين حين قال ان «مصيرهم الى الزوال»، والسيد مهدي كروبي رئيس البرلمان قال بعد ان استقال مائة وسبعة عشر نائبا احتجاجا على القرارات التعسفية لمجلس صيانة الدستور «نحن في طريق مسدود ونشعر بغاية الاسى والاسف». واخطر ما في الازمة الراهنة هو تصريح رئيس لجنة مراقبة الانتخابات بأن الجيش يمكن ان يحل محل الحكومة في الاشراف على الانتخابات الامر الذي دعا ناطقا باسم الاصلاحيين للقول بأن هذه الخطوة هي «انقلاب عسكري»!! قال النائب محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس الايراني ان تدخل الجيش سيؤدي الى استئصال الجمهورية الاسلامية وانه ليس هناك جيش في العالم يمكن ان ينظم انتخابات حرة.

الازمة السياسية الايرانية الحالية ليست سوى تعبير عن عمق الازمة الاجتماعية والاقتصادية في ايران، فبعد خمس وعشرين سنة من اعلان الجمهورية الاسلامية لم يتمكن النظام الاسلامي في ايران من تأكيد مجتمع المؤسسات، واستمر الجدل حول تركيز الصلاحيات في شخص واحد هو المرشد الذي يجمع صلاحيات رجل السياسة ورجل الدين في آن واحد، وهي مهمة مستحيلة لانها تعني تضاربا حقيقيا بين ما هو روحي وديني وغير قابل للتغيير، وبين ما هو سياسي متغير بحسب الظروف. وبعد خمس وعشرين سنة ما زالت قضايا البطالة والفساد المالي والاداري تضرب بجذورها في المؤسسات الايرانية، وما زالت الاغلبية المنتخبة في البرلمان غير قادرة على مواجهة الاقلية المتمترسة في الحوزات والمؤسسات الدينية والتي تمتلك ما يشبه الحصانة ولديها الكثير من المال والنفوذ.

عيون المراقبين للمشهد الايراني يجب ان تتوجه الى الشارع والى الجامعات، فاذا انتقل الصراع بين المحافظين والاصلاحيين الى الشارع فان ايران مقبلة على تطورات لا يمكن التكهن بنتائجها، واذا ظل مرشد الجمهورية صامتا والازمة السياسية عاصفة فان الانظار ستتجه الى طهران التي تشهد نيرانا كثيرة تحت الرماد.