قصة اختطاف!

TT

قبل ان يكتسب سمعته العالمية كأديب الواقعية السحرية، وقبل ان يحصل على جائزة نوبل في الآداب لعام 1993، كان جابرييل جارثيا ماركيز يعمل مراسلا صحفيا للصحيفة الكولومبية «السبكتاتور» وله العديد من الاصدقاء الصحفيين، ولذلك عندما اختطفت صديقته الحميمة ماريوجا باشون بواسطة مهرب الكوكايين البليونير بابلو ايسكوبار في عام 1990 قرر جارثيا ماركيز العودة الى وطنه والشروع في كتابة كتاب صريح عن الصحافة وعن الاحداث الدرامية التي شدت انتباه كولومبيا لمدة ثمانية اشهر.

في ذلك الوقت كان بابلو ايسكوبار واعوانه على وشك رفع راية الاستسلام لكنهم رفضوا تسليم انفسهم الا اذا وافقت الحكومة على ان تضمن لهم الا يتم تسليمهم الى الولايات المتحدة. وحتى يزيدوا من قوة موقفهم قاموا باختطاف 10 من ابرز الصحفيين معظمهم لهم علاقات قوية مع شخصيات حكومية بارزة، من بينهم ماريوجا باشون صديقة جارثيا ماركيز ورئيسة الوكالة الكولومبية للدعاية السينمائية وزوجة الابرتو فيلافيزر السياسي البارز ومستشار الرئيس سيزر جافيرا.

ظل جارثيا ماركيز يتنقل بين الصحفيين الاسرى المحتجزين وبين عائلاتهم القلقة على مصيرهم اثناء سير المفاوضات بين الحكومة الكولومبية وبين ايسكوبار كما كان التلفزيون يعرض مشاهد لاصدقاء واسر الضحايا وهم يرسلون رسائل شخصية للاسرى.

كل هذه الاحداث الدرامية التي شغلت الرأي العام الكولومبي طوال ثمانية اشهر كونت المادة الخام التي افادت منها موهبة جارثيا ماركيز الكبيرة وشكل منها ذلك العمل الادبي الواقعي الرائع الذي قامت بترجمته اديث جروسمان الى اللغة الانجليزية تحت عنوان «انباء اختطاف».

تابع جارثيا ماركيز المفاوضات التي ادت في النهاية الى اطلاق سراح الاسرى ثم الى حرب اهلية قتل فيها الآلاف من الكولومبيين. وكانت متابعته من داخلة الازمة لمعرفته الجيدة بالشخصيات المحركة للاحداث. ولكن مع كل التقدير الذي يعطيه النقاد لكتاب جارثيا ماركيز باعتباره رائعة من روائعه الا ان البعض يرى انه يفتقر الى الاثارة. اذ منذ الصفحات الاولى للكتاب افصح جارثيا ماركيز عن هوية الرهينتين اللتين لقيتا مصرعيهما وعن الذين تم اطلاق سراحهم وعن الكيفية التي استسلم بها «ايسكوبار» والسبب الذي دعاه الى ذلك.