حوارات التيارات الإسلامية

TT

لا شك ان امامنا طريقا ليس بالسهل لاستيعاب التأثير الهائل لنمو الفكر الجهادي والمتطرف منذ بداية الجهاد الافغاني حتى تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك، وهناك حوارات وانشقاقات واختلافات هائلة حدثت داخل الحركات السياسية الاسلامية على امتداد العالم العربي، فالحوار الصحي في المملكة العربية السعودية الذي احدثته توبة عدد من مشايخ التطرف في التلفزيون السعودي، وظهور تيار متنام للمتنورين الاسلاميين الذين خرجوا من عباءة فكر التطرف وانتقلوا الى قناعات اسلامية جديدة منفتحة، تعبر عن نفسها في الصحف والفضائيات العربية، يؤكدان حراكا جديدا قد حدث داخل الاجتهادات والتيارات الاسلامية في السعودية.

وما حدث في مصر من انشقاق هائل، عبرت عنه عرائض ورسائل عدد من الذين خرجوا من تنظيمات التطرف وتكونت لديهم قناعات جديدة بعد ان شاهدوا الضرر الذي اصاب الحضارة العربية الاسلامية بسبب الفكر الجهادي والمتطرف، هو دليل اخر على عمق التحولات داخل هذا الفكر الذي كان يبدو موحدا في مصر قبل انتقال المجاهدين العرب من افغانستان ليمارس بعضهم القتل في عواصم بلده، وليكون اهله وابناء عمومته اول ضحاياه.

في الكويت حوار عنيف بين تيار الاخوان المسلمين الذي يفترض ان يكون تيارا معتدلا، وبين التيار السلفي الذي يفترض ان يكون اكثر تشددا، حول قضايا الجهاد وفلسطين والموقف من اميركا، فتيار الاخوان يعلن تأييده للعمليات الاستشهادية في فلسطين ويعتبرها جهادا ويزيد من حماسه لهذه العمليات بسبب العلاقات مع حركة حماس، بينما يصرح قادة السلفيين بان هذه العمليات مرفوضة وهي عملية انتحار يرفضها الاسلام وليست عملية جهاد، بل ويدعو التيار السلفي الى الاقتداء بالرسول الكريم في موقفه من اليهود والمصالحة معهم ويقول ان الامة في حالة ضعف وان السلام مع اسرائيل لا يتناقض مع موقف الشرع.

الحوارات بين التيارات الاسلامية التي ظهرت خلال السنتين الماضيتين هي حوارات صحية ومطلوبة، وما حدث من جرائم باسم الاسلام وباسم الجهاد لا يمكن الا ان يحرك العقول والقلوب الصادقة داخل هذه التيارات، على امل ان يحاصر الفكر المتطرف والخارجي الذي اوصلنا الى ما نحن فيه من قتل للارواح البريئة، ومن اختطاف للاسلام وتحويله من اداة للبناء واصلاح الارض وكرامة الانسان الى اداة للقتل والتدمير.