في الوحدة قوة وفي التنوع إبداع

TT

بعد التقدير العميم من موقع صوت العراق www.sotaliraq.com لهذه الزاوية، «نحن مجموعة كبيرة من اشد المعجبين بكتاباتك والمدمنين على قراءة كل مقالاتك» يلقي علي اصحاب الموقع سؤالا عن حقوق الاكراد الفويلية ومكانتهم في العراق الجديد.

قبل ان ادخل في هذا الموضوع، اجيبكم عن استفساركم بشأن استعمال صورتي في موقعكم. لكم كل الحق والحرية في استعمال صورتي. وياليتني استطيع اعطاءكم ما هو اكثر من ذلك من حقوق وحريات.

هناك دروس جديرة بالاعتبار في موضوع التعامل مع الاقليات في اوروبا، اخص بالذكر منها بريطانيا التي اعيش فيها. الاسم القانوني والرسمي لها هو ليس بريطانيا ولا انجلترا، وانما «المملكة المتحدة» لأنها في الواقع تتكون من عدة اقاليم ذات استقلال داخلي، سكوتلندا وويلز وانجلترا وكورنويل وألستر. كانت هناك حروب مستمرة بين هذه الاقاليم في القرون الوسطى الى ان فطن السكان الى اضرار ذلك وادركوا ان في الاتحاد قوة ومصلحة، وفي التنوع إبداع وحرية.

حاولت سكوتلندا ان تبقى مملكة مستقلة، وحتى عندما ورث ملكها جيمس السادس عرش انجلترا بعد وفاة خالته الملكة اليزابيث، ظل يجلس على عرشين مستقلين، عرش انجلترا وعرش سكوتلندا. ولكن عندما حاول السكوتلنديون المشاركة في التوغل الامبريالي باءوا بالفشل وتكبدوا خسائر كبيرة في مشاريعهم التجارية في امريكا الجنوبية. علمتهم هذه الخسارة ان التوسع الامبريالي يتطلب قاعدة غنية وقوية تسنده. ادركوا ان بلدهم فقير الموارد وقليل السكان. ففاتحوا الانجليز للاتحاد معهم. والانجليز من ناحيتهم عرفوا ان السكوتلنديين يختلفون عنهم في الدين والتراث والعرق، فأبرموا سلميا الوحدة بين الشعبين، وحدة سياسية وعسكرية ودبلوماسية، مع استقلال ذاتي يعطي السكوتلنديين نظامهم القضائي والتعليمي والخدماتي الخاص بهم.

جرى ذلك في القرن السابع عشر. ومن حينه، قلما مر جيل من الاجيال من دون اجراء تعديلات على دستور هذا الاتحاد في ضوء التجارب والتطور، كان آخرها حصول سكوتلندا على برلمان خاص بها. وجرت كل هذه التطورات بصورة سلمية. حدث مثل هذا في ويلز وكورنويل عبر سلسلة طويلة من التعديلات والتشريعات، ومنها ان يكون ولي العهد اميرا لويلز.

البحر الذي يفصل ايرلندا عن انجلترا جعل الايرلنديين يتمسكون باستقلالهم التام فاستمروا بمحاربة الانجليز الى يومنا هذا. وكانت النتيجة بقاء ايرلندا فقيرة ومتأخرة. السكوتلنديون تصرفوا بعقلهم والايرلنديون بعواطفهم.

طالما قورنت كردستان العراق بسكوتلندا بريطانيا. وهي مقارنة صحيحة على الاقل بالنسبة للزعامة الوطنية. فزعماء الاكراد يؤمنون بالحل السكوتلندي: الاستقلال الذاتي ضمن الوحدة العراقية.

ولكن الاكراد الفويلية يجابهون مشكلة خاصة بهم. فهم يمتدون الى اعماق المنطقة العربية في الكوت ويكونون جيوبا مشتتة. كما انهم يختلفون لغويا وطائفيا عن اكراد الشمال. هذه مسألة شخصية وعاطفية. وطالما كانت كذلك، فلو انني كنت فويليا لاخترت لأولادي الاندماج والذوبان في المحيط العربي. ولكن في هذه الايام، لا احد يتمنى لأولاده هذا المصير.

الروح العملية للغربيين املت على سكان سكوتلندا وويلز وايرلندا نبذ لغاتهم الاصلية واستعمال الانجليزية من دون ان يؤثر ذلك على هويتهم الاثنية واستقلالهم الذاتي.