استظلوا بنخل السماوة فلم يحمهم من الإرهاب

TT

توالى في الأيام القيلة الماضية انسحاب وسائل الإعلام اليابانية، التي جاءت الى مدينة السماوة لتغطية عمل قوات الدفاع الذاتي لبلادها في محافظة المثنى، التي تبعد عن بغداد 282 كم جنوباً، وذلك بعد إعلامهم من قبل رؤسائهم في طوكيو بحتمية العودة الى بغداد، وأن قيادة التحالف المؤقتة أخطرت الحكومة اليابانية باكتشافها مخططا للهجوم على منزل تستخدمه وكالة «كيودو» اليابانية. وكانت «كيودو» قد استأجرت المنزل الواقع على نهر الفرات، والعائد لقاضٍ عراقي بمبلغ

4 آلاف دولار شهريا، لكنها اضطرت لاستخدام غرف اضافية في فندق لكثرة ما لديها من آلات ومعدات، ولزيادة عدد طاقمها ومن يعاونوها من مترجمين وسائقين ومساعدين عراقيين ومن جنسيات عربية. ويقال إن مشاجرة وقعت بين أحد أفراد فريق الوكالة ومسؤول في الفندق بسبب اخلاء الأخير غرفة كانت تؤجرها الوكالة لصحافي من مجلة أميركية بعد وعد الاخير بدفع مبلغ أكبر. المخطط الذي اكتشفه التحالف ـ حسب مصادر يابانية ـ كان يشمل رسماً لمنزل، وعدد غرفه، ومدى بعده عن النهر، وعدد الحراس الموجودين فيه. وقد انتشرت القوات الهولندية العاملة ضمن التحالف، يوم الثلاثاء، للمحافظة على الأماكن المتفرقة في المدينة حيث يقيم عشرات الإعلاميين اليابانيين بالمدينة، حيث وجدت المنزل المطابق لما تضمنته خطة المهاجمين المحتملة. وقد سارع أفراد الوكالة المعنية «كيودو» بالسفر إلى بغداد يوم الثلاثاء، تاركين القليل من معدات عملهم والحراس العراقيين، من دون حتى إخبار زملائهم من الصحف والوكالات الأخرى. ثم تبعهم، في اليوم الثاني، مراسلو جريدة «أساهي» ومراسل محطة تلفزيونية يابانية خاصة ـ في حين بقي مراسل التلفزيون الرسمي الياباني، ثم وكالة أنباء «جيجي بريس»، التي أوردت الأسبوع الماضي، تقريرا تحدث عن القاء القبض على خمسة يشتبه في أنهم كانوا يخططون لعمل إرهابي ضد القوات اليابانية يوم وصولها للمدينة، أي في التاسع من الشهر الجاري، لكن رجال الشرطة العراقيين والمسؤولين في المحافظة، نفوا ذلك، قائلين إن القبض على الخمسة جاء بعد تلقيهم إخبارية في التاسع من كانون أول الماضي، تدعي أنهم على اتصال بمواطنين في محافظة أخرى ـ ذي قار (الناصرية)، وإن هذه المعلومات قد تكون مضللة أو كيدية، وإن القبض عليهم كان مجرد إجراء احترازي، وقد يفرج عنهم حال إثباتهم طبيعة العلاقة التي تربطهم بمواطنين من خارج المحافظة. وحسب «كيودو» اليابانية، فإن اثنين من الخمسة المحتجزين كانا ضمن قوات «فدائيي صدام»، وواحداً كان على علاقة قوية بعلي حسن المجيد ـ الملقب بعلي الكيماوي، وآخر عامل مصري مقيم بالمحافظة منذ سنوات. وتصر الوكالة على أنها استقت هذه المعلومات من الضابط المكلف بعملية التحقيق، وأنها لم تنشر المعلومات التفصيلية يوم حصولها عليها في العشرين من الشهر الجاري، حسب وعد مع هذا الضابط، الذي عاد عن تصريحاته للوكالة، قائلاً إنها غير صحيحة ومجرد تكهنات. تبلغ مساحة المحافظة 51000 كم متر مربع، وبذلك تأتي في المرتبة الثانية بعد محافظة الأنبار من حيث المساحة، ولها امتداد حدودي واسع يتسلل عبره آلاف من مهربي المخدرات والثروة الحيوانية، وقبل ذلك، عناصر عربية تقوم بهجمات إرهابية. ورغم أن المدينة توصف بأنها الأكثر أمنا، من حيث عدم تعرضها لكثير من العمليات أثناء الحرب الأخيرة لتحرير العراق، أو عمليات إرهابية بعد انتهاء الحرب، حيث جرى القبض على عشرة أفراد يحملون جنسيات دولتين خليجيتين، تسللوا عبر حدود بلديهما الى المحافظة العراقية، كذلك القبض على مواطن إيراني والعثور على العديد من المواد المتفجرة في منزله الذين يقيم فيه مع بعض عناصر من فدائيي صدام، ممن جاءوا من محافظة الرمادي وسط العراق، وكذلك وضع ثلاث عبوات ناسفة أمام مقر الحرب الشيوعي بقضاء الرميثة التابع للمحافظة والهجوم على أعضاء وممتلكات الحزب، وتفجير عبوات ناسفة في محلين للأشرطة المدمجة، ومقتل مجند شرطة في وسط السماوة بعد أيام من وصول القوات اليابانية. بل إن تقارير أشارت الى ان الحكومة اليابانية تقوم بدفع مبالغ قدرت بـ10 مليارات ين ياباني لزعماء قبائل عراقية لتوفير الحماية اللازمة لقواتها المسلحة المرسلة الى العراق، بعد اتفاق بين رئيس الوزراء جونيشيرو كويزومي وعبد الامير الركابي، الذي تعهد بتوفير ما بين 200 و300 حارس للجنود اليابانيين ـ المدهش أن الركابي شخصية مثيرة للجدل في الأوساط المعارضة العراقية، حيث رشح لتولي رئاسة الوزراء قبل شهور من الحرب الأخيرة، وكان يدعو للتصالح مع النظام المخلوع. كل هذا قد يعصف بالسمعة الجيدة للمدينة كمدينة للهدوء والسلام، ويؤكد أن العمليات الإرهابية الأخيرة في العراق، تتسع جغرافياً لتشمل جنوبه وحتى شماله ـ أحداث كركوك، لتهدد الإعلاميين الأجانب أيضاً، بعد مقتل اثنين من العاملين مع «السي. ان. ان» على طريق الحلة مساء الثلاثاء الماضي. يذكر أن دبلوماسيين يابانيين قد قتلا في قرية العجيل على الطريق الى تكريت، بعد أن أعلنت طوكيو اعتزامها إرسال قوات خدمية للقيام بأعمال مدنية بالعراق. ورغم عشرات لوحات الترحيب باليابانيين التي تملأ شوارع السماوة، فقد ذهب الإعلاميون اليابانيون، وبقى إرسال مزيد من قوات يابانية لمدينة السماوة محل جدل في الشارع الياباني والسماوي معاً.