العراقيون.. ومسألة الإصلاح

TT

لن تستطيع قوات التحالف، ولن تستطيع الأمم المتحدة ان تحل مشكلة العراق اذا لم يقرر العراقيون حل مشكلتهم.

مشكلة العراق الكبرى ان هناك عراقيين يعتقدون لأسباب ايديولوجية او طائفية بامكانية تفصيل ثوب العراق على مقاسات ايديولوجياتهم وانتماءاتهم الطائفية والعرقية. ومشكلة العراق ان هناك كثيراً من القوى تعتقد انها يمكن ان تنجح في انقاذ العراق وتحويله الى دولة حديثة وعصرية وتعيد الاعتبار الى شعبه دون ان تقدم اي تنازل مع ان تجربة الدنيا كلها قد اثبتت انه لا يمكن اقامة وطن لاقلية، او وطن لاكثرية، او وطن لطائفة او عشيرة او جماعة، وكل محاولات اقامة اوطان دون شعب موحد انتهت بمأساة. وللعراقيين معرفة اكثر من غيرهم بهذا الكلام، فالمجتمع العراقي ليس مجتمعاً طائفياً ولكن بعض المتنفذين وتجار السياسة يريدون ان يتحولوا الى زعامات سياسية عبر بوابة طرح الجاهلية الاولى، والمجتمع العراقي عانى من نظام الحزب الواحد والرأي الواحد والزعيم الواحد الكثير، وتم تقسيمه الى قوميات وفرق وطوائف بفعل عمليات القتل والضم والالحاق القسري والغاء التعددية داخل المجتمع.

العراق ليس افغانستان، فهناك امكانيات اقتصادية وبشرية في العراق تستطيع لو توفر لها الامن والاستقرار واقامة مجتمع مؤسسات، ان تعيد بناء العراق وان تغطي تلك الفجوة التكنولوجية والاقتصادية التي اقامها النظام السابق مع بقية العالم، وان تعيد العراق الى المجتمع الدولي وان يدخل العراقيون عصر التكنولوجيا والحرية والتنمية بامتياز.

هناك زعماء عراقيون انانيون من كافة الاتجاهات وهم يستفيدون من الاوضاع الحالية لاقامة زعامات مشبوهة تهمها مصالحها الذاتية والفئوية اكثر من مصلحة العراق، وهناك تجمع لجماعات متطرفة مستوردة من الخارج ومتحالفة مع بقايا النظام السابق تحاول ان تخلق حالة من التوتر وتمارس القتل والارهاب باسم المقاومة، وهناك فئات خيرة كثيرة في كافة الاتجاهات ولكن صوتها خافت، وقدرتها على توحيد خطابها ضعيفة، وهناك مجتمع تم تفريغه من مؤسسات مجتمع مدني حقيقية فلم يعد قادرا على ممارسة العمل السياسي والاجتماعي المنظم والعلني.

ولو اجتمعت الدنيا كلها على اصلاح العراق وفشل العراقيون في توحيد انفسهم، فلا امل في اصلاح ولا تنمية، رغم تفاؤلنا الكبير بمستقبل عراقي زاهر.