خرافة اللوبي الصهيوني

TT

لم تكن المرة الوحيدة التي استمع فيها الى مقولة ان اللوبي الاسرائيلي هو الحاكم الفعلي في الولايات المتحدة لكنها مقولة بلغت من الشيوع درجة ان السياسيين العرب الذين يفترض فيهم انهم على علم اكثر بشؤون هذه الدولة المهمة باتوا يقبلون بها كمسلمة.

في نظري ان هذا الطرح الذي يتكرر الآن مع دخول رئيس جديد فيه خطورة على التعامل مع قضايانا في العاصمة الاميركية لأن فيه استسلاما لحقائق ليست دقيقة او حقيقية دائما. وقد اكون الشخص الوحيد الذي يجرؤ على الادعاء بأن اليهود الموالين لاسرائيل ليسوا بأصحاب النفوذ الذي نعتقده في وجه الايمان العريض في الساحة العربية بهذه «الحقيقة» التي صارت من مسلمات التفكير العربي. هل هناك نفوذ اسرائيلي في واشنطن؟ نعم هناك نفوذ قوي على دوائر الحكم في العاصمة الاميركية، ولا يوجد نفوذ اسرائيلي دائم او غير قابل للتحدي. فهي مدينة مفتوحة للجميع وديناميكية الحركة تضعف فيها قوى وتنشط أخرى، يوم لهم ويوم عليهم. ان لم نحاول ان نفهم طبيعة النظام ومرونته فلن نفلح قط في كسب اي معركة في دولة عظيمة التأثير على مصالحنا السياسية والاقتصادية. والحقيقة من متابعتي، واعتقد متابعة الكثيرين مثلي، لنشاط مثل السفير السعودي هناك الامير بندر بن سلطان، يثبت هذه الحقيقة. فهو نجح في التحدي منذ صفقة طائرات الاواكس التي اعتبرت واحدة من اكبر المعارك السياسية في الكونجرس التي قال عنها اللوبي الاسرائيلي بان الموافقة عليها مستحيلة مثل امرار جمل من عين الابرة. لقد كانت اكبر فتح في التحدي للنفوذ الاسرائيلي استخدمت فيه اسلحة بما فيها الشركات الكبرى المصنعة الاميركية وحشد كبير من ابرز رجال الاعمال السعوديين الذين بلغوا في رحلاتهم ولاية واشنطن في شمال غرب الولايات المتحدة يدافعون ويتحدون التهديدات الصهيونية ضد النواب وكبار السياسيين. لهذا فالتصديق المطلق لاسطورة الهيمنة الصهيونية فيها استسلام مغفل للاسرائيليين في بلد مفتوح لكل القوى التي لا تستطيع اي منها ضمان هيمنتها مهما بلغت من القوة. النظام الاميركي مرن ومتسامح ومثل الشركات المساهمة يتيح الفرصة لمن استطاع ان يثابر على الكسب. انه نظام تجاري لا آيديولوجي له ثوابت محدودة لن يتزحزح عنها، ما عدا ذلك فهو متروك لنشاط الفاعلين والمؤمنين بقضاياهم. واسمحوا لي ان اضرب مثلا باللوبي الكوبي، الذي يمثل خصوم كاسترو والمتركز في ولاية فلوريدا، فهو يملك نفوذا اعظم من النفوذ الصهيوني، نجح في منع كل الحكومات الاميركية من التعامل مع كاسترو اربعين عاما. وهناك نفوذ الكنائس الذي ينجح احيانا ويفشل احيانا في تغيير الانظمة الداخلية في القضايا التي تهمها. انني استطيع ان اقدم عشرات الامثلة على نفوذ قوى مختلفة لها نفوذ اعظم من اللوبي الصهيوني او على اخفاقات هذا اللوبي في مناسبات كبيرة لأؤكد على خطأ مفهوم الايمان بديمومة وهيمنة الاسرائيليين.