غلطة خاتمي

TT

اذا كان آية الله الخميني هو من قاد الثورة فان محمد خاتمي هو من انقذها. وفعلها المنقذ مرة ثانية عندما آثر تجرع طرد اتباعه وحرمان العديد منهم من الترشح، ورفض دعوات معسكره بالمقاطعة والتصعيد.

فمنذ وفاة مرشد الثورة لا يوجد هناك زعيم واحد وان كان هناك فريق قيادة متعدد المسميات يمسك بكل شيء. ولو شاء خاتمي ورفض الدخول في الانتخابات وسايره رفاقه فقاطعوها لربما تغير تاريخ طهران مرة ثانية. لكن خاتمي اختار انقاذ النظام على اصلاح البلاد. وهي غلطة قد تكلفه كثيرا بين اتباعه.

فالنظام اقصى في المعركة الاخيرة رجال خاتمي وكسب المعركة وبالتالي حبس العاصفة في داخل الفنجان الى حين. الحركة الخاتمية التي اسسها وزير الثقافة السابق صارت معسكرا كبيرا في الشارع والدولة معا، انقذت النظام الايراني من الاحتقان الذي كان عليه ان يواجه نتائجه.

لكن خاتمي، الذي لعب دور موظف الاستقبال وصار واجهة النظام، لم يعد ممكنا له ان يستمر يطالع من وراء الزجاج، فكان متوقعا ما حدث في التأهيل الانتخابي الاخير. فاقصاء انصار خاتمي، نحو مائة من المهمين بالنسبة له، وحرمانهم من الترشح كان امتحانا صعبا للرئيس. وفي نظري خاتمي اخطأ عندما قبل اقل من القليل، من حيث الرجال والصلاحيات. كان عليه ان يرفض الانتخابات. ولو رفضها لوضع النظام امام احتمالين; تشكيل حكومة متطرفة لن تستطيع التعايش مع الناس طويلا، او ارضاء مطالب خاتمي وهي مشروعة وفي صلب الدستور الايراني.

الآن، بعد ان تمت الانتخابات ونجت الدولة من الازمة، فقد خاتمي جماهيره وبالتالي فقد النظام جسرا مهما مع الناس.

خاتمي، بعقله لا بعاطفته، اختار الهزيمة على مواجهة الاحتكار ربما تجنبا لمواجهات سياسية وشعبية خطرة على ما تبقى من الثورة.

هو في نهاية المطاف، واحد من الاسلاميين ومن ابناء الثورة ويعرف خطورة توسيع دائرة النزاع مع خصومه في السلطة. فايران، كبقية دول العالم الاسلامي، صممت ديمقراطية تحفظ لرجال السلطة سلطتهم، ولا تمنح لأحد، مهما كانت نتائج الانتخابات، سلطات حقيقية.