الفن السابع السعودي

TT

يدور جدل هائل في ساحات الاعلام والرأي الاميركية عن فيلم جديد يتناول الساعات الاخيرة في حياة السيد المسيح عليه السلام من وجهة نظر انجيلية بحتة. ولقد أثار ذلك بطبيعة الحال حفيظة اليهود والعلمانيين واعترضوا على أن الفيلم قد يثير المشاعر المعادية لليهود ويشجع على التطرف. لكن المهم في هذا الشأن أن الفيلم يستخدم من قبل الكنائس المسيحية لاعادة تسويق الدين بشكل مباشر للأسر والشباب والشابات. ولقد تقرر عرض الفيلم في مناسبات خاصة أيام الآحاد ويتبع العرض عظات ودروس عن قصة المسيح بطريقة تبشيرية مباشرة، ويعتقد مجلس الكنائس أن هذه أكبر فرصة لهم على الساحة الاميركية لإحداث نقلة نوعية في التبشير كما ونوعية.

وخطر على بالي وأنا اتابع هذا الخبر، فيلم «الرسالة»، ذلك الفيلم العالمي العبقري الذي أنتج منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما وأسلم من العمال العاملين فيه ما يزيد على خمسة وسبعين شخصاً واثر في مئات الآلاف من البشر حول العالم وأدى الى اسلام العديد منهم، اضافة الى ذلك تباع منه العشرات من النسخ على شبكة الانترنت يوميا وخصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول)، رغبة من الغرب في التعرف على الاسلام عن طريق آخر غير الكتب. ولكن فيلم الرسالة حورب محاربة شعواء من قبل الحكومات العربية ومنع عرضه تلفزيونيا وسينمائيا بطريقة غير مفهومة وغير مقبولة.

وطريقة تعاملنا مع «الرسالة» تحديدا والسينما تمثل (على المستوى السعودي) اهمالنا في استخدام أحد أهم، ان لم يكن الأهم فعلا، اساليب الترويج والاقناع المتوفرة اليوم. وهناك أكثر من مجال على الصعيد المحلي يمكن أن تلعب فيه السينما دورا مهما ومؤثرا. ولعل المثل الاول الذي يرد على الخاطر هو مهرجان الجنادرية. لسنوات طويلة تقوم الادارة المعنية بالمهرجان بتنفيذ أوبريت غنائي ملحمي عن حقبة تاريخية واجتماعية من البلاد ولكن المشكلة في عمل كهذا أنه اصبح رتيبا وينتهي أثره بعد انقضاء المناسبة، ولكن بانتاج فيلم طويل يحمل رسالة وطنية وتاريخية ولا توفر فيه المصاريف الخاصة بالمؤثرات الصوتية والضوئية وغيرها، لو تم عرضه في مدن المملكة المختلفة ولفترات طويلة وانتج على شرائط فيديو واقراص ممغنطة واقتني من قبل الأسر وشوهد في الفضائيات والتلفزيون المحلي سيكون أثره على رسالة المواطنة بليغا وفعالا، شريطة أن يكون العمل نفسه مقنعا وينتج باسلوب مهني راق ومحترف.

مجال آخر يمكن الاستفادة من السينما فيه هو قضايا الشباب وتحديدا الانحراف والتطرف والحرب على الارهاب وهي قضايا كلها هامة ومحورية وشديدة الخطورة. وعمل يتم اعداده بشكل جاد في تلك المواضيع من شأنه أن يحدث تواصلا استثنائيا ومطلوبا بلغة يتقبلها الشباب ويحترمها. والمثل الثالث الذي يرد على البال هو الدعوة الاسلامية. يبدو واضحا وجليا أن اسلوب الدعوة العولمي بحاجة لأن تطور وسائله وأساليبه، فلم يعد مقنعا أن يعتمد على رفع الصوت بشكل عصبي على شاشات التلفزيون. اليوم المتلقي أصبح يتطلع الى الاسلوب الجمالي الجذاب في الاقناع، الاسلوب الذي من شأنه أن يبشر ولا ينفر. هناك العديد من الكفاءات من الشباب والشابات الذين من الممكن أن يستوعبهم العمل في هذا المجال الجديد. والسينما مثلها مثل كوب الماء يعتمد على ما يتم سكبه فيه. والتحدي هو كيف يتم استخدام تلك الأداة المؤثرة والهامة بنجاح وفعالية.

هناك نماذج ناجحة وهائلة لسينما محافظة تؤدي رسالتها الاجتماعية بنجاح مبهر وتحديدا مثال ذلك السينما الايرانية التي تقدم رسائل هامة في قالب محافظ ومحترم. السينما وسيلة جديدة لو احسن استخدامها والتعامل معها بالعقل والمنطق وممكن أن ينجز بها نجاحات كبرى نحن بحاجة ماسة لها.