الحوار من منظور توراتي

TT

عندنا قنبلتان في الشرق الأوسط: النووية والمناهج; الاولى والثانية عند اسرائيل، والثانية تشترك فيها مع البلاد العربية لكن نادرا ما يفتح الاعلام الغربي ـ وحاليا العربي ـ موضوع قنبلة اسرائيل أو مناهجها.

نحن آمنا وصدقنا بل ونطالب قبل ان ينتبه الاميركيون لذلك باصلاح التعليم العام واعادة النظر في المدارس الدينية واسلوبها ومناهجها في حين لم يطالب الاميركيون ولا مرة باصلاح التعليم الديني باسرائيل، وهو أصعب من تعليمنا الديني وأكثر غزارة ودموية وقسوة، ففي كل مستوطنة مدرسة دينية تعلم الاطفال ان الأغيار ليسوا من البشر فهم أشبه بالسائمة وقتلهم حلال يؤجر من يفعله بالصعود الى فردوس السراي الرابعة.

أطفال المدارس الدينية في اسرائيل يحفظون عن ظهر قلب ما فعله يشوع بن نون بأريحا الفلسطينية، وذلك من السفر الذي يحمل اسمه وينص على هذه النهاية التي تدرسها المدارس بحذافيرها: «اخذوا المدينة وحرقوا وذبحوا كل ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم بحد السيف....».

ان دعوة أميركا لنا للتسامح والحوار مع الآخر دعوة نبيلة إن لم تقبلها مدارسنا الدينية قبلتها المدارس العلمانية لكن من نحاور ومع من نتسامح والمدارس الدينية الاسرائيلية تدرس بحرص شديد الحوار من منظور توراتي تماما كما يرد سفر التثنية الذي تنص وصاياه على الحوار مع الاخرين بهذه الطريقة: «... سبعة شعوب أكثر وأعظم منك ودفعهم الرب الهك امامك وضربتهم فانك تحرمهم لا تقطع لهم عهدا ولا تشفق عليهم ولا تصاهرهم بنتك لا تعط لابنه وبنته لا تأخذ لابنك..».

طيب، لا بأس ننسى حكاية الزواج والمصاهرة فمدارسنا الدينية ايضا تعلم طلابها القاعدة الشرعية التي تنص على ان المسلمة لا ينكحها الا مسلم لكن ماذا عن العهود والمواثيق والاتفاقيات كيف نثق بانهم سينفذونها ما دامت الوصية الدينية لقادة المستقبل الاسرائيلي صارمة في وضوحها: «لا تقطع لهم عهدا».

ويفعل الاميركيون حسنا لو نظروا الى مناهج المدارس الدينية الاسرائيلية بنفس المنظار الفاحص والمدقق الذي يفحصون به بمساعدة الاسرائيليين المناهج العربية، فالعنف الذي تعلمه المناهج الدينية اليهودية لا يقل عن العنف المقابل ان لم يكن يزيد عليه بمراحل.

ان الاميركيين ومهما كانت تحالفاتهم مع الصهاينة قوية مرحليا يظلون من (الأغيار)، أي من غير اليهود وهؤلاء حسب تعاليم المدارس الدينية اليهودية لحمهم كلحم الحمير ليس له أية قيمة وإن كان الاميركيون لا يصدقون ذلك فليعيدوا قراءة سفر القضاة ليروا حجم العنف والابادات التي جرت في قرون ما قبل الميلاد، وهي تدرس بحذافيرها وكامل وصاياها لأطفال القرن الواحد والعشرين في المدارس الدينية باسرائيل.

يوم تطلب أميركا من اسرائيل ان تعيد النظر في مناهج مدارسها الدينية سنصدق انها جادة في رسالة التسامح والحوار والحرية اما ان لم يحصل ذلك فسنظل ـ مع اعترافنا بتخلف مناهجنا ـ ننظر الى الموضوع على انه تعليمات اسرائيلية تنفذها الادارة الاميركية التي لم تع بعد حجم الخطر الحقيقي الذي يمثله التعليم الاسرائيلي على مستقبل الديمقراطية والحوار والسلم والتسامح في المنطقة.