«برميل جيت»

TT

«برميل جيت» تختلف عن «برميل زيت»، فالاولى فضيحة والثانية اداتها، فضيحة تتعلق ببعض الصحافيين العرب الذين ارتبطوا بنظام صدام فمنحهم اضافة الى الاموال حصة بترولية للترويج لنظام المقابر الجماعية، مجموعة من الصحافيين الذين لوثوا ثوب الصحافة في العالم العربي، وزيتوا اقلامهم ولينوا عقولهم برشاوى صدام وبراميله البترولية المهربة، كانوا يعايروننا ليل نهار باننا لا نهتم بمسألة اطفال العراق، كانوا يذهبون الى العراق في الطائرات الخاصة للاطمئنان على «اطفال العراق»، على حد قولهم، وهاهم اطفال العراق باقون، لماذا توقف هؤلاء عن زيارتهم، يبدو انهم كانوا يهتمون بطفل عراقي واحد، وهو الطفل الذي اخرجه الامريكيون من الحفرة، طفل العراق المدلل صدام حسين الذي لم ينقذه حواريوه من الصحافيين العرب بل انقذه سادته الامريكيون ودللوه، والذي اقام نظاما شرعيته الرشوة والفساد والقمع، الرشوة في الخارج والقمع في الداخل، الدولار والمسدس، او البرميل والمسدس، وما القصة بقصة نظام صدام الآن ولكن القصة هي قصة الصحافي المرتشي، او «الصحافيين اللي بياخدوا فلوس» لتحويل صحفهم الى وسائل دعاية وكذب على الجماهير نظير بترول مهرب، والتي ادخلت الصحافة العربية الآن في فضيحة «برميل جيت».

فهناك قلة من الصحافيين المرتشين الذين اساءوا للمهنة ولسمعتها، واضاءوا قناديل صحفهم بزيت صدام المهرب المسروق من مستقبل اطفال العراق، مما ادى الى مزيد من الغمز واللمز حول كثير من الصحافيين، غمز ولمز يعصف بمصداقية الصحافة العربية، وبدا التنكيت عن الصحافي فلان برميل، ضع اي اسم تريده هنا، ممن ظهرت اسماؤهم في تلك القائمة التي نشرتها جريدة المدى العراقية.

واتيحت لي فرصة الحديث التليفوني الى الاستاذ فخري كريم رئيس تحرير المدى وصاحب دار المدى، واخبرني بان لديه اطنانا من الوثائق التي تدين كثيرا من الصحافيين العرب، وانه سينشرها جميعا، كما قال انه لا ينشر من الاسماء والوثائق الا ما لا يرقى الشك الى مصداقيته، لانه يتحرى الدقة ولا يريد ان يدخل نفسه ومؤسسته في مشاكل قانونية.

سألت الاستاذ كريم عن اسماء كثيرة من الصحافيين المصريين والعرب واكد لي انه يملك وثائق دامغة، وبتوقيعات بعضهم فيما يخص علاقتهم بنظام صدام وفضيحة «برميل جيت».

فيما يخص الصحافيين المصريين، قلت للاستاذ كريم وعلى الهواء في برنامج تلفزيوني شاركنا فيه معا عرضته قناة الحرة الوليدة، قلت له انني اعرف الوسط الصحافي المصري وان الصحافة المحترمة في مصر اكبر بكثير من ان تدخل مثل هذا الدرب الملوث، ربما هناك صحافيون عشوائيون غرباء على المهنة او دخلوها من الباب الخلفي ممن يمكن ان يكونوا ضالعين في «برميل جيت»، فرد علي بطريقة كان لسان حاله فيها يقول «خلي البرميل مستور»، اعتقد ان اتهامات «المدى» اتهامات جادة وخطيرة لا يجب ان يمر مؤتمر الصحافيين المصريين دونما مناقشتها، لان سمعة الصحافة المصرية خصوصا لا يجب ان تترك لمثل هذه الاتهامات، ولا بد من محاسبة من اساءوا الى سمعة الصحافة المصرية حتى يكونوا عبرة وعظة.

وظني ان كبار الصحافيين في مصر من الرعيل الاول الذين يحترمون قواعد المهنة، واخلاقياتها، لن يتسامحوا مع مساحة العشوائيات التي بدأت تلوث الحياة الصحافية المصرية وتجر الصحافة المصرية وسمعتها الى فضائح شائنة من نوع «برميل جيت».

الكرة الآن في ملعب المؤتمرين في القاهرة، فان واجهوا هذه الاسئلة بشجاعة «واحتفظ بحق صك المصطلح» يكونوا بالفعل حريصين على سمعة مصر وصحافتها، اما اذا تجاهلوا قضية بخطورة «برميل جيت» فمهما خرجوا بتوصيات من هذا المؤتمر، ستبقى سحابة الزيت السوداء حائمة فوق الرؤوس الى ان تأتي لحظة الحقيقة.