قريبا..

TT

«قريبا» اصبحت مفردة ثابتة في العديد من التصريحات المرتبطة بموعد اصدار الانظمة واللوائح والقرارات الجديدة المنتظرة. فهي كلمة آمنة، بدون سقف زمني محدد ولا تنفي الحدث والواقعة وبها ايجابية «كافية» لطمأنة المتلقي. وخلال الفترة القليلة التي مضت وجدنا سلسلة من التصريحات تفيد بأن انضمام المملكة لعضوية منظمة التجارة العالمية أصبح قريبا، كما أن التصريحات أفادت أيضا بأن المرحلة القادمة سوف تتضمن مجموعة من الاجتماعات الثنائية بين وفد المملكة من جهة وبين وفود بعض الدول الاعضاء فيما يخص مواضيع محددة من جهة أخرى.

لكن المتابع لهذا الأمر يرى أن وتيرة التصريحات لا تزال على نفس النمط، أي أنه منذ أكثر من ثماني سنوات والمملكة «ستنضم للمنظمة قريبا»، وأن «مراحل عضوية المملكة في منظمة التجارة العالمية ستحسم قريبا»، كما أن الاسباب التي كانت تذكر في معظم الاحيان تتمحور حول أن هناك محادثات ثنائية لا تزال معلقة بين المملكة ودول أخرى. ولكن تبدو مسيرة الانضمام لمنظمة التجارة العالمية لا تزال مليئة بالاشواك والمحاذير، ويبدو أن المحادثات الثنائية التي بحاجة لأن تعقد ليس بين المملكة والدول الاخرى، ولكن بين وزارة التجارة والصناعة من جهة وادارات أخرى محلية من جهة أخرى. إذ يبدو أن هناك جهات معينة غير مقتنعة بالتعديلات المطلوبة في بعض اللوائح والانظمة لدخول المنظمة وعليه قد يكون من المفيد الدخول معها في «مفاوضات» جادة لازالة اللغط والشك وبالتالي ايضا ازالة أسباب التعطيل والتأخير في العضوية أيضا.

الانضمام الى عضوية منظمة التجارة العالمية أصبح تحدياً استثنائياً للكفاءة الادارية لجهاز الدولة وباجتيازه ستتحقق العديد من الانجازات التي من شأنها أن تطور الاداء وتحسنه للوضع الاقتصادي والاداري عموما. ولكن هذا يتطلب مصارحة وشفافية أكبر لتوضيح أوجه التأخير ومعالجته، فمن غير المقبول تكرار أن «الانضمام» سيكون «قريبا» بحسب الرواية الرسمية وهي المكررة الآن منذ أكثر من ثماني سنوات وأن اللوم في ذلك كله على مباحثات ثنائية مع دول أخرى. وغير خاف أنه خلال تلك الفترة انضمت دول أخرى للمنظمة بدأت في مباحثاتها بعد المملكة.

التصريحات التي تطلق دون سقف زمني واضح تبدو كأنها مسكنات مؤقتة وسرعان ما تتحول الى مخدر كلي لا يفيد الوضع ولا يعالجه. ومسيرة الانضمام لمنظمة التجارة العالمية والتي طالت بشكل واضح، ليست هي الوحيدة المعنية بهذه المشكلة. فمؤسسة النقد لها ايضا سابقة مع «قريبا» وهي وعدت منذ فترة بأن نظام سوق المال سيصدر قريبا ولكن الكل لا يزال ينتظر انجاز ذلك الوعد على أرض الواقع. وكذلك الرياضة لها ايضا موقف مع «قريبا» فقد سبق أن صدرت تصريحات عن أن خصخصة الاندية ستصدر قريبا وللآن لم يحدث الشيء الموعود. الشفافية والمصارحة التي تنشد وينادى بها بحاجة لأن تتواكب مع التصريحات المعلنة وأن يرتبط كل وعد بسقف زمني واضح درءا للشك الذي يؤثر على ثقة المتلقي. «قريبا» كلمة بازالتها وابدالها بلائحة زمنية واضحة نكون قد خطونا خطوة جادة نحو الاصلاح الاداري.