الشورى تلفزيونيا

TT

تدور في عدد غير قليل من منازل ومجالس السعوديين منذ فترة حوارات وسجالات حول البرامج المسماة التلفزيون الواقعي، تلك البرامج التي توضح مسار حياة مجموعة من الشباب والشابات في سياق يومي طبيعي. وتتسابق المحطات المختلفة لتقديم الفكرة بنكهة مختلفة في كل مرة. ولعل الشيء اللافت في تلك البرامج هو القدرة الهائلة لدى السعوديين على «المشاركة الشعبية» وكذلك قدرتهم الفائقة على «الترويج لمرشحهم» عبر حملات شبه منظمة عن طريق المجالس وشبكة الانترنت والمكالمات الهاتفية والرسائل التلفزيونية القصيرة المسجلة، وكذلك قدرتهم الهائلة على «التصويت» بأعداد كبيرة جدا لمن يدعمونه، مما يوضح الاستعداد والنهم الكبير اللذين لديهم.

ووسط تلك البرامج، يأتي الاعلان الهادئ عن تلفزيون واقعي من نوع آخر. فيبدو أنه تقرر بث وقائع مجلس الشورى مسجلة ودون أي حذف وذلك لمدة ساعة واحدة فقط، بدءا من الساعة الثانية ظهرا وحتى الثالثة يوم الخميس، ثم تستكمل يوم الجمعة التالي في الموعد نفسه ولساعة واحدة أيضا. ويبدو أن بث وقائع ما يدور في مجلس الشورى من مداولات ومناقشات سيصبح قاعدة عامة في كل اسبوع وفي هذين اليومين والموعدين. وبالرغم من أن النقل التلفزيوني لوقائع مداولات المجالس البرلمانية في العالم غالبا ما يلقى التعليقات الساخرة حين يُصور نائب ما وهو نائم أو يتثاءب أو غير منتبه، وفي حالات أخرى مجموعة من النواب يتصارعون ويتعاركون، الا أن الكثير من المداولات تبقى في غاية الاهمية والجدية فيما يخص نوعية المواضيع التي تُبحث واسلوب النقاش وطريقة ادارة الحوار. ونحن في وقت نناشد فيه الحوار ما بين الأطراف الأطياف في البلاد أيا كانت. ويبدو أن الخطوة التي أقدم عليها كل من مجلس الشورى ووزارة الثقافة والاعلام سوف تكون ذات فائدة عظيمة لو تم الاستفادة منها بشكل متكامل.

ولعل أحد أهم وسائل تفعيل تلك التجربة بالشكل المطلوب هو اتباع تلك الحلقات بلقاءات حوارية مع بعض أعضاء المجلس وفتح المجال لأسئلة من المشاهدين حتى يتم رفع التوعية والثقافة البرلمانية لديهم، واتباع ذلك بدعوة مجموعة منتظمة من الجمهور والاعلاميين لحضور جلسات المجلس وتطوير موقع المجلس على شبكة الانترنت ليتسنى للعامة تلقي المعلومات ومتابعة أحداث المجلس وتتبع اخباره.

فكرة تصوير وبث جلسات مجلس الشورى لاقت رفضا وتحفظا من أمين عام المجلس حمود البدر وقوبل ذلك بسجال من الاعتراض من رجال الاعلام وبعض أعضاء الشورى أيضا، وهذه سابقة «علنية» جميلة في شأن عام، تفاعل معها الناس بشكل ايجابي والأمل ألا تكون واقعة واحدة فقط.

دور مجلس الشورى في تنام مستمر فيما يخص الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للسعوديين، وكلما تفاعل معه عدد أكبر من السعوديين كانت فرصة نجاحه أفضل. وهذا لا شك سوف يكون انجازاً يحق للجميع أن يفتخر به.