ملفات حقوق الإنسان؟

TT

هناك تقليد قديم استمر لسنوات في طريقة تعاطي الدول العربية مع التقارير التي تتحدث عن حقوق الإنسان. وكلنا يذكر انه عندما يصدر التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية تقوم اذاعة بغداد بقراءة الفقرة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في سورية بسبب الخلاف بين البلدين، بينما تقوم اذاعة دمشق بقراءة الفقرة المتعلقة بالانتهاكات في العراق، ولا احد يتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان في بلده.

تقرير حقوق الإنسان الذي صدر عن وزارة الخارجية الاميركية منذ يومين يتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان في الدول العربية واسرائيل، وسيكون من سوء التقدير والتدبير ان نبسّط المسائل وأن نقول ان أميركا متحيزة ضدنا، ولذلك تطرح هذه المسائل ونقوم بإنكار كل ما ورد في التقرير بدلا من ان نواجه الحقيقة ونقرأ هذه التقارير قراءة فاحصة للتأكد من صحة ما ورد فيها، وأن نقوم بإصلاح ما يمكن إصلاحه في هذا الملف المتورم.

بالتأكيد سيكون من العبث الحديث عن مدى موضوعية ودقة تقرير وزارة الخارجية الاميركية، لأن هناك جوانب من التحيز والموقف المسبق تجاه بعض الاحداث وبعض الدول العربية، لكن هذا لا يتطلب الاستمرار في إصدار بيانات النفي والإنكار لانتهاكات حقوق الإنسان، فليس هناك بلد في العالم ـ باستثناءات نادرة ـ يمكن ان يكون خاليا من تصرفات عنصرية او انتهاكات هنا وهناك لحقوق البشر والأقليات وغيرهم، وحتى الولايات المتحدة لم تسلم من التقارير الدولية التي تتهمها بانتهاكات حقوق الإنسان في الداخل الخارج.

المهم ان نتعود على القراءة الموضوعية للتقارير الدولية وأن نفحصها، وأن نقوم بإصلاح أنفسنا ووضع برامج جادة لحماية حقوق الإنسان في كل بلد عربي وبقدر المستطاع.

النفي والإنكار هما الموقف الأسهل والأبسط، وهو موقف كسول وتبريري، والمطلوب ان نواجه أنفسنا وأن نبحث في أي جانب صادق في التقارير الدولية لنعالجه بكل شجاعة وبدون خوف.

تقارير حقوق الإنسان في بلادنا ليست مجرد مؤامرات أجنبية، ومن يريد أن يتأكد عليه ان يفتح شباك بيته ويتفرج قليلا على المشهد في الشارع!