جورج تينيت.. جورج بوش.. آسفان.. لكن الرقم صحيح

TT

عند تقديمه شهادته أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الثلاثاء قبل الماضي، سئل جورج تينيت لماذا لم تقم وكالة المخابرات المركزية أبدا بمتابعة مسار مروان الشحي، الطيار الذي حطم طائرة الرحلة 175 في البرج الجنوبي يوم 11 سبتمبر. ذلك لأن المخابرات الألمانية كانت قد قدمت معلومة مهمة الى وكالة المخابرات المركزية قبل ثلاثين شهرا عن الاسم الأول لارهابي القاعدة ورقم تلفونه.

وأجاب مدير وكالة المخابرات المركزية قائلا «الألمان أعطونا اسما هو مروان، ليس أكثر، ورقم تليفون. ولم يعطونا الاسم الأول واللقب الا بعد 11 سبتمبر، مع معلومات اضافية وقتئذ».

ومن أجل الصراخ بصوت عال، وكما قال شخص اعرفه «لاحقت نساء في مختلف أنحاء البلاد بمعلومات أقل بكثير من تلك». ولا يواجه تينيت أية مشكلة بسبب ذلك الجواب الآسف، بالطبع، كما إنه لم يتعين عليه أن يتحمل أية عقوبة لاقامة الترسانة الشبحية التي لم يكن أحد يحلم بامتلاكها الا صدام.

والكارثة الحالية هي كارثة دونالد ترومب، المفعم بالحيوية «أنت مفصول». ولكن ما من أحد فقد وظيفة بسبب الاخفاقات في المعلومات التي أدت الى أحداث الحادي عشر من سبتمبر أو الحرب التي قرعت طبولها ارتباطا بـ 11 سبتمبر. والحقيقة أن الأشخاص الوحيدين الذين يحاول الرئيس ونائب الرئيس ابعادهم عن العمل هم أعضاء اللجنة المتهمين باكتشاف الكيفية التي جرت بها أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكيفية منع كارثة مماثلة أخرى.

ويبدو أن البيت الأبيض أكثر احساسا بالقلق حول اكتشاف الرأي العام لمدى المعلومات التي كان يعرفها وقلة ما قام به قبل الحادث، مما فعله بشأن تشخيص وتحديد نقاط الضعف الأمني.

وبعد محاولة قتل اللجنة ثم محاولة وضع الدكتور سيرينجلوف ـ كيسنجر مسؤولا عنها، فعل الرئيس بوش وديك تشيني أفضل ما بوسعهما لاعاقة الهيئة التي تمثل أفضل آمال أرامل وأيتام ضحايا 11 سبتمبر في تحقيق العدالة.

وقالت الأرملة لوري فان أوكين «هذه ليست حكومة لم ترتكب أخطاء. لا يمكن للمرء ان يترك الأشخاص يقومون بعملهم على نحو خاطئ».

انه لعمل جريء بالنسبة لبوش أن يعارض التحقيق في أحداث 11 سبتمبر في الوقت نفسه الذي يسعى فيه الى اعادة انتخابه عبر الترويج لطريقة معالجته لتلك الأحداث وارعابنا بمشهد احتمال المزيد من الارهاب. بل انه يستخدم الأشياء التذكارية للأحداث كستارة خلفية لمؤتمره في نيويورك.

وفي الأسبوع الماضي مارس الرئيس اللعبة على نحو ماكر، وتصرف كأنه مستعد لتمديد الموعد النهائي لاكمال اللجنة عملها الذي استغرق طويلا لأن الادارة كانت تراوغ. ولكن من الواضح ان رئيس مجلس النواب دينيس هاسترت كان يقدم مساعدة اضافية للبيت الأبيض، وهو يجيب عن التندر بدعوة «من يخلصني من هذه اللجنة الفضولية؟» فيما سعى عضوا مجلس الشيوخ جون كين وجوزيف ليبرمان الى استخدام كل الوسائل، مهددين بايقاف التمويلات والوظائف الفيدرالية اذا لم تحصل اللجنة على شهرين اضافيين. وقد تقوض موقف هاسترت.

وقال ماكين انه يتوقع «التشويش والتأخير» نفسه من جانب الادارة عندما كان في مجلس مراجعة المعلومات المنتقاة لبوش. وقال «وهذا هو السبب الذي جعلني أتوثق من تسلمي سلطة أمر حضور. وما من بيروقراطية مستعدة لاعطائك معلومات يمكن أن تسبب لها حرجا أو ضررا». وخصوصا ليس مثل هذه الادارة المتكتمة، المتغطرسة، والمصابة بجنون الارتياب، فالمسؤولون لدى بوش يتصرفون وكأنهم يمتلكون الحادي عشر من سبتمبر، حتى عندما يرفضون الاعتراف بأية أخطاء تتعلق به.

وبسبب 11 سبتمبر يعتقدون أن بوسعهم تعليق الدستور، وتجاهل المحققين، ومهاجمة بلدان بطريقة الضربة الوقائية، وابقاء الأميركيين خائفين بشن حرب ضد الارهاب لا يمكن تحقيق نصر فيها أبدا.

وكما أبلغ بوب كيري، وهو أحد الأعضاء المحبطين في لجنة 11 سبتمبر، كريس ماثيوز، فانه كان يتعين على الولايات المتحدة أن تعلن الحرب على أسامة بن لادن ما أن اصبح واضحا أن لديه جيشا «يتمتع بقدرات هائلة متطورة» وآيديولوجية تأمر بقتل الأميركيين. وقال ان «شن حرب على الارهاب، يبدو لي الهدف الخاطيء. انه أمر يشبه ما بعد السابع من ديسمبر (كانون الأول) عام 1941، عند اعلان الحرب على الطائرات اليابانية. لقد أعلنا الحرب على اليابان. ولم نعلن حربا على تاكتيكاتهم... ان الارهاب تاكتيك».

واتفق الموظف المسؤول عند بوش والبالغ 41 عاما قائلا «لا يمكنك مكافحة الارهاب بطريقة تقليدية مثل شن حرب. ان أي صبي في السادسة عشرة من عمره يمكن أن يرتدي حزاما من الديناميت ويفجر أي مبنى. يجب خوضها بسرية، ومعالجة الأسباب التي تشكل أساسها واتخاذ اجراءات أمنية في بلادنا».

وهنا فكرة مناسبة: اذا اعتقدتم أن على البيت الأبيض ان يكون أكثر تعاونا مع لجنة الحادي عشر من سبتمبر، اتصلوا على رقم تلفون جورج، وهو : 1111-456 (202).

وأنا واثقة من أن كل من يعيش خارج الولايات المتحدة يمكنه الحصول عليه من هناك.

*خدمة «نيويورك تايمز»