الكونغو 2000

TT

قبل ان نعرف من الذي قتل لوران ديزريه قبيلة، يجب ان نتذكر ان 1.7 مليون كونغولي دمرت حياتهم الحروب، في شكل او في آخر، ويجب ان نعرف ان سوء التغذية يعم ثالث اكبر دولة افريقية. وان الاوبئة القاتلة تنتشر من جديد. وان الجيوش الاجنبية تنشر مرض الايدز في كل مكان. لذلك لم يكن مقتل او حياة هذا الرجل الذي يشبه «بوذا» افريقيا، اكثر من تفصيل آخر في بلد بدأ حياته الاستقلالية بالقتل والموت ومحاولات الانفصال.

وفي الماضي كان الاستعمار البلجيكي هو الذي يعمل على تقسيم الكونغو وعلى زرع عملائه على رأس المقاطعات الغنية بالمعادن، اما الان فان الدول الافريقية المجاورة هي التي تتولى ذلك. من رواندا الى زيمبابوي. والاولى هي التي ساعدت قبيلة في الوصول وفي حملته الطاحنة على العاصمة واخراج جوزف موبوتو لكي يموت على شرفته في مونتي كارلو. لكن ليس من الضروري ان تكون رواندا هي الاقوى الان في الصراع الدائر حول جوزف قبيلة، الابن الوحيد الذي اعترف به الرئيس القتيل. كل زيجاته الاخرى غير شرعية وجميع ابنائه الآخرين غير معترف بهم.

المشكلة في «الثوار» ان اول ما يفعلونه بعد انتصارهم هو تقليد الذين انتصروا عليهم. لوران قبيلة، مثل جوزف موبوتو، جعل كل شيء في يده: الحكم والناس والثروات. واستعان بجميع رجال موبوتو في حقل «الاعلام» وطلب منهم ان يبنوا له صورة مخالفة للواقع. وتخلى فورا عن «عفويته» الثورية لكي يحيط نفسه بالحرس والبروتوكول.

كان موبوتو قد حذر وهو يغادر الكونغو بان «من بعدي الفوضى». ولم ينجح قبيلة في ايقافها، مع انه نجح في ابعاد القوات الرواندية التي كانت تثير الحساسيات في البلاد. غير ان التدخل الافريقي الآخر استمر على ما هو. وقد كانت «المصادر» الاوغندية اول من اعلن مقتله. واتهم وزير خارجيته الذي كان يزور طرابلس، كلا من رواندا واوغندا والكونغو برازافيل «بالاعداد لمؤامرة». ومعروف ان ليبيا كانت تدعم الرئيس الراحل.

كما وضع مقتل باتريس لومومبا الكونغو امام كل الاحتمالات في اوائل الستينات، كذلك يضعها مقتل لوران قبيلة الان. ويبدو الكونغو وثرواته اليوم موضع صراع بين الافارقة كما كان بين الاستعماريين: من ناحية رواندا واوغندا ومن ناحية اخرى انغولا وناميبيا. وليس امام الكونغو الان سوى ان يجلس وينتظر ليعرف من اي جهة سوف تزحف «القوات المعارضة» على العاصمة كينشاسا كما زحفت قوات قبيلة «اليسارية» من قبل، في حين يساند القوات الحكومية نحو 11 الف جندي من زيمبابوي والسلاح الجوي الانغولي.

من مع من ومن ضد من في الكونغو؟ انها فوضى لا تشبه سوى نفسها غداة الاستقلال، يوم كان البلد يتمزق والسكاكين تشحذ في كل مكان. والامم المتحدة تتأهب.