وهذي الضجة الكبرى علام!!

TT

حاولت أن أفهم بشكل موضوعي الضجة القائمة حول مشروع الشرق الأوسط الكبير، فقرأت المشروع بكثير من التمعن، فذكرتني تلك القراءة بوثيقة قرأتها قبل أشهر قليلة، فلما عدت بالذاكرة فإذا بها وثيقة التنمية العربية التي نشرت قبل أشهر قليلة واحتفلت بها أوساط عربية عديدة. حاولت أن أجري مقارنة فإذا بالتخوفات التي في تلك الوثيقة هي نفس التخوفات التي في مشروع الشرق الأوسط الكبير، بل إن مشروع الشرق الأوسط الكبير استخدم مقاطع طويلة من تقرير التنمية العربية. بعدها عدت إلى قراءة بيان مكتبة الإسكندرية فيما يتعلق بمشروع الإصلاح العربي الذي يفترض أن يكون بديلا عن المشروع الأميركي فوجدت أنه تكرار لنفس المشكلات التي وردت في تقرير التنمية العربية والمشروع الأميركي. قرأت التخوفات العربية فوجدتها تنصب على قضيتين؛ الأولى هي أن التغيير لا بد أن يأتي استجابة لظروف الداخل وليس عبر التصدير من الخارج، وثانيهما ان لكل بلد ظروفه ومستوى تطوره، وان هناك بلدانا عربية أنجزت الكثير من قضايا الحريات وهناك دول يحكمها الحزب الواحد وهناك دول تعيش الحرب الأهلية، وهي كلها تخوفات مشروعة.

قرأت بعد ذلك تصريحات كولن باول في أكثر من عاصمة عربية، وقرأت رسالة بعثت بها وزارة الخارجية الأميركية إلى بعض وزارات الخارجية العربية، فوجدت كلام كولن باول، ورسالة الخارجية الأميركية يكرران نقطتين أساسيتين؛ أولهما أن التغيير لا يمكن إلا أن يتم من الداخل، وأن لكل بلد في الشرق الأوسط ظروفه وقضاياه الخاصة. أين تكمن المشكلة إذن؟ هل هي في تخوفات من أن المشروع الأميركي هو بداية أو مدخل لقضايا أخرى وهي قضية تتعلق بالنوايا ولا يمكن التثبت منها، أو هل المشكلة أن المشروع يأتي من أميركا ولذلك يجب رفضه، ولو أنه جاء من فرنسا أو ألمانيا أو دول الاتحاد الأوروبي لكان أمرا مقبولا، أو لأن كثيرا من المغرب يرفض دون أن يقرأ، ويتخذ قراره قبل أن يفكر؟ في كل ما قرأته ليس هناك كلمة واحدة عن تدخل في عقيدة، أو تغيير مفروض لمناهج التعليم بل ان الكلام يدور حول تطوير العلوم والرياضيات ونشر الإنترنت في المدارس وعن ضرورة مساهمة الدول الثماني الكبيرة في المشروع. ما الذي يحدث؟ هل نحن مغرمون بافتعال معارك وهمية؟ وإذا كان الإصلاح أمرا محمودا، وفضيلة واجبة فماذا ننتظر، ولماذا يأتي بيد بوش لا بأيدينا؟