وفي الليلة الظلماء..!!

TT

تمر الذكرى السنوية لتلك الجريمة البشعة عندما هاجم القتلة في صحن الامام علي في مدينة النجف واحدا من رموز الاعتدال والشجاعة هو السيد عبد المجيد الخوئي فقتلوه ومثلوا بجثته.

الذين قتلوا السيد الخوئي كانوا يعرفون حق المعرفة ما هو الدور الذي يمكن ان يلعبه في الحياة السياسية العراقية. فخلال ايام قليلة من وصوله لمدينة النجف نجح في جمع الكلمة ولم الشمل وكان واضحا انه بدأ يؤثر في استقرار المدينة ووحدة اهلها من خلال شخصيته المتواضعة وشجاعته واقدامه، فالرجل صاحب خبرة طويلة، وصاحب علم غزير، وصاحب اياد بيضاء وصل خيرها الى آلاف العراقيين في الداخل والخارج.

الذين قتلوه كان لديهم مشروع للفوضى والقتل، ولديهم مشروع بروز سياسي شخصي على حساب الاستقرار، فالمصلحة الشخصية والبحث عن دور البطولة الزائفة اهم واكبر عندهم من الوطن ومن الناس.

السيد الخوئي كان يجمع فضيلة التواضع والقدرة على الاتصال بالناس مع علاقات سياسية واسعة خارج العراق وصداقات مع الكثير من رؤساء الدول والشخصيات النافذة في الحياة العامة في العالم العربي وفي اوروبا حيث عاش في لندن ورعى مدرسة الخوئي الخيرية، والذين قتلوه كانوا يعلمون حق العلم ان الرجل سيلعب دورا متميزا في الحياة السياسية العراقية.

تحدثت معه قبل يوم من مقتله وكان يقول انه الآن يقوم بتأجير سيارات لنقل عدد من القادة السياسيين والروحيين للاجتماع في مدينة النجف لتوحيد الكلمة ومنع الفوضى. وكان آخر ما يفكر فيه هو الموت فكان رده حين قلت له ان الوضع غير مستقر بلهجته العراقية الحادة «خوي.. هسة انا واحد من هالبشر». وجاء خبر مقتله بعد يوم من هذه المكالمة القصيرة، فتذكرت انه لم يكن واحدا من هالبشر كما قال بل واحداً من البشر الذين يصنعون تاريخا، وينحتون حضارة وان خسارته لا تقدر بثمن.

في هذه الايام العصيبة على العراقيين تأتي مناسبة فقدانه ثم بعد ذلك فقدان زعيم كبير معتدل هو السيد محمد باقر الحكيم لتطرح اسئلة جادة حول طبيعة المعركة العراقية وخاصة داخل الشيعة بين تيار الحياة والمستقبل، وتيار الموت والبطولات الزائفة، وهي معركة ستحسم كثيرا من الاسئلة العراقية المعلقة.