صورة سعودية!

TT

الصورة في السعودية لها وضعية أكثر من خاصة فهي تارة ما تمنع وتحجب، وتارة ما تعرض علامات الوجه فيها مهزوزة خاصة اذا كانت من ضمن اعلانات الطرق من دون معرفة السبب، ولماذا تكون مهزوزة في مكان وعادية في آخر وممنوعة في ثالث. لكن هناك ايضا صورا لا يفهم كيف تنشر اصلا كجراحات دقيقة ومقززة لأطراف مبتورة وأوجه مشوهة. والآن هناك «صورة» جديدة يتداولها أعداد غير بسيطة من السعوديين ويتحدثون عنها بهلع وقلق وشفقة. والصورة المعنية هنا هي صورة المذيعة السعودية رانيا الباز بعد أن تشوهت عيناها وانفها وباقي وجهها اثر اعتداء عنيف بالضرب المبرح من قبل زوجها الهارب الآن من قبضة العدالة. وتزداد الصورة بشاعة حين مقارنتها بصورتها قبل هذه الحادثة الوحشية. وتفتح هذه الصورة موضوع الاعتداء الجسدي على الزوجات بالسعودية وتطرح المشكلة كقضية تهم الرأي العام فيها. وهذا موضوع اجتماعي خطير بالرغم من عدم وجود احصائية دقيقة تبين حجم المشكلة بشكل واضح الآن. المشكلة قائمة وموجودة وباشكال كثيرة. وهذه الظاهرة موجودة ويتعامل معها بالسر بعض الاخصائيات الاجتماعيات والشؤون الاجتماعية. وتشهد على تفاقم هذه الوضع الجمعيات الخيرية والمستشفيات التي تستقبل حالات غير قليلة من الزوجات اللاتي يلقين الضرب والاعتداء المتوحش. ولقد لقي موضوع الاعتداء الوحشي على المذيعة السعودية تجاوبا وتعاطفا شعبيا كبيرا، وتفاعل مع هذا الحدث المؤلم لجنة حقوق الانسان الأهلية التي انطلقت أخيرا وزارت رانيا الباز في المستشفى وتتابع حالتها مع الجهات المعنية. والآن وقد انفتح ملف ضرب الزوجات يبدو أن «تجريم» الاعتداء عليهن بات أمرا مطلوبا وأن اي مجتمع سوي يسعى للعدل والسمو الاخلاقي لا يقبل بممارسات كهذه أبدا، هي في الواقع أقرب للتوحش والغريزة الحيوانية. واليوم وزوج المذيعة هارب ومطلوب من قبل جهات الأمن المختصة أجد أن من الغرابة الكبيرة أن «صورته» غيبت عن صفحات الصحف ولم يتم نشرها للتفاعل معها وحث المواطنين للتبليغ عنه اسوة بغيره من المجرمين.

اذا كانت هذه القضية قد فتحت جرحا غائرا في الجسد الاجتماعي السعودي فان مداواة هذا الجرح تتطلب وقفة جريئة وحاسمة يتم فيها مراجعة صريحة للنفس والاعتراف بأن المجتمع قبل ولفترة طويلة تلك الممارسات السيئة والآن يأتي التحدي الأكبر نحو الانتقال به من حال الى حال جديد يمنع ويجرم الاعتداء على الزوجات ويعاقب بالتالي فاعله. وقتها نكون فعلا أوجدنا «صورة» جديدة للمجتمع نفتخر بها جميعا.