مفاهيم جديدة في خطاب بوش

TT

إمام محمد إمام كان الحضور الاسلامي الاميركي واضحا وجليا في احتفالات تنصيب الرئيس الاميركي الجديد جورج ووكر بوش يوم السبت الماضي، وتمثل هذا الحضور في مشهدين مهمين في تلك الاحتفالات. الاول: حضور عدد من قيادات العمل الاسلامي الاميركي الذين دعوا لحفل تنصيب الرئيس الجديد تكريما لهم وعرفانا بدورهم في فوز بوش بالرئاسة الاميركية. والثاني: المفاهيم والمضامين الجديدة التي تضمنها اول خطاب للرئيس الثالث والاربعين للولايات المتحدة الاميركية الذي جاء فيه تأكيده على اهمية دور الكنيسة والمعبد والمسجد في التزام المجتمع الاميركي بالقيم والاخلاق والمبادئ التي يحتاجها في المرحلة المقبلة.

كما تضمن خطاب الرئيس بوش مفاهيم جديدة حرص على تأكيدها في اول خطاب له لارسائها وجعل تحقيقها هدفا من اهداف رئاسته في المرحلة المقبلة، حيث قال «سأعمل لبناء امة واحدة قوامها العدل ومنح الفرص لكل فرد فيها. واعلم ان ذلك يمكن تحقيقه بعون الله وجهود مواطني هذا البلد. ونحن على ثقة تامة من المبادئ التي توحدنا وتقودنا الى الامام». فالعدل والمساواة من المطالب المهمة لمسلمي اميركا، لان ذلك يشعرهم بمواطنيتهم الحقيقية دون ترهيب او تمييز عنصري او ديني. وهم الآن اكثر حرصا على الاستجابة لنداء الرئيس الجديد في تحمل مسؤولية المواطنة تجاه مجتمعهم وبلادهم.

ولقد عملت جاهدة بعض المنظمات والمؤسسات والمجالس والمراكز الاسلامية الاميركية في توعية المسلمين الاميركيين بأهمية التسجيل الانتخابي ومن ثم التصويت. وادت المساجد دورا مهما في حملات التوعية السياسية التي نقلت المجتمع المسلم الاميركي من هامش الخارطة السياسية الى الاسهام الفاعل بأصواتها في الانتخابات الاميركية في تحديد معالم هذه الخارطة وتضاريسها. اذ ان نسبة اقبال المسلمين الاميركيين على التصويت في ولاية فلوريدا وصلت الى 65 في المائة، بينما كانت نسبة اقبال جميع الاميركيين وصلت الى 39 في المائة فقط. وفي هذه الولاية نفسها التي قررت مصير الرئيس الاميركي الجديد، يقول بول فيندلي عضو مجلس النواب الاميركي السابق في دراسة عن التغييرات التي شهدتها المواقف السياسية للمسلمين الاميركيين على مر السنين، ان فوز جورج بوش بفارق ضئيل جدا من الاصوات في ولاية فلوريدا، مما ضمن له الفوز على آل غور في الانتخابات الرئاسية، يعود بالدرجة الاولى الى اصوات الناخبين المسلمين في الولاية اكثر مما يعود الى تحول الناخبين الليبراليين من آل غور الى رالف نادر في تلك الولاية. ويقدر فيندلي عدد الاصوات التي حصل عليها بوش بين الناخبين المسلمين بأكثر من 72 الف صوت، مقابل ما يزيد قليلا على سبعة آلاف صوت حصل عليها آل غور في ولاية فلوريدا.

وكانت استطلاعات الرأي العام التي جرت عقب انتهاء التصويت في الانتخابات الرئاسية الاميركية قد اشارت الى ان نسبة 72 في المائة من المسلمين الاميركيين صوتوا لصالح جورج بوش و19 في المائة لصالح رالف نادر، بينما حصل آل غور على 8 في المائة فقط. وان ترجمة تلك النسب الى ارقام من الناخبين تعني ان اكثر من 2.3 مليون مسلم صوتوا لجورج بوش وحوالي 256 الفا صوتوا لآل غور، حسبما ذكرت دراسة فيندلي.

ومما لا شك فيه ان من العوامل الرئيسية في تأييد المسلمين الاميركيين لجورج بوش، هو تفهم حملته الانتخابية لقضايا الاقليات الاميركية، ومن بينها قضايا الاقليات المسلمة الاميركية. وقد ظهر جليا تفهم بوش لقضايا الاقليات الاميركية في تعيين ادارته الجديدة التي انفتحت على ابناء الاقليات الافريقية والآسيوية والعربية.

من هنا تتوقع الجاليات المسلمة الاميركية من الادارة الجديدة اخذ مصالحها بعين الاعتبار عند اتخاذ قراراتها في القضايا التي تهم المسلمين. والمأمول من المنظمات والمؤسسات والمجالس والمراكز الاسلامية الاميركية ان تضع في اولوياتها المحافظة على مؤشرات التوعية السياسية للجاليات المسلمة الاميركية في هذه الانتخابات، وتعمل جاهدة على تشجيعها في المشاركة السياسية الفاعلة في المرحلة المقبلة.

كما يجب الا تغفل الجاليات المسلمة الاميركية دور الرئيس الاميركي السباق بيل كلينتون في الاهتمام بقضايا هذه الجاليات واشراك بعض المنظمات والمؤسسات والمراكز الاسلامية الاميركية في معالجة بعض هذه القضايا والهموم المشتركة، ويجب الا ننسى ان كلينتون، هو اول رئيس اميركي احتفل رسميا في البيت الابيض بالمناسبات الدينية الاسلامية، كرمضان والعيدين وارسل التهاني بهذه المناسبات الى قيادات العمل الاسلامي في اميركا. ونأمل من الرئيس الجديد ان يبني على هذا الموروث الطيب ارثا جديدا يضاف الى عهده.