قصف السد العالي

TT

كم جيل اسرائيلي قادر على احتمال استمرار تصرفات تشبه عصابات ما قبل التاريخ التي تعيش على السلب والنهب، وتعتقد ان كل شيء مشاع وحق لها؟

متى سيتعب هؤلاء من حمل اسلحتهم في عالم تغير ولم يعد يستطيع فيه احد ان يستمر في طرح شعارات التوسع، وحكايات خرافات العجائز مثل «من النيل الى الفرات» وغيرها من اساطير قديمة اكل الدهر عليها وشرب.

متى سيدرك المجتمع الاسرائيلي ان ورطته تاريخية، وان وجهه الى الحائط، وانه يقع بين مطرقة البحر، وسندان شعوب تمتلئ بيوتها بصور شهدائها المعلقة على الجدران، وذكريات مذابح جماعية وقتل وتشريد!! تصريحات مساعدي السيد شارون يوم امس حول خطط لقصف السد العالي وقصف بيروت وغيرها من الاقاويل، هي عودة الى مرحلة المؤسسين الاوائل لدولة اسرائيل، اولئك الذين كانوا يعتقدون ان رفع التوراة فوق أسنة السيوف، والاحتكام الى شريعة الغاب هما الطريق الوحيد لتأسيس الدولة، ولقد نجحوا في ذلك، ليس لانهم عظماء، بل لاننا حينذاك كنا خارج اسوار الحياة والحضارة المعاصرة، واسواق المال والسلاح والعلاقات الدولية والتحالفات والمصالح.

متى يدرك هؤلاء ان الدنيا تغيرت، وان سياسة استمرار قتل آلاف الابرياء لم تعد ســياسة ممكنة، وليس لها علاقة بالمنطق والواقع.

اسرائيل وصلت حجمها المنتفخ، وبدأت مرحلة التقلص، وخرجت من مرحلة جيل المؤسسين، وجمهور المتحمسين الى مرحلة مجتمع مختلف لا يريد اليمين الاسرائيلي ان يعترف به.

لو فعلوها وقصفوا السد العالي، وقصفوا بيروت، فلن يتحقق لهم شيء، على العكس سيدفعون على المدى المتوسط والبعيد ثمنا باهظا، وسيساعدوننا في الاستمرار في الرغبة الجامحة لشعوب المنطقة لاجتثاث مصدر القلق في هذه المنطقة حيث دفعت المليارات في حروب طويلة على حساب كرامة الناس وخبزهم وصحتهم وحقهم في حياة كريمة.