مفاوضات «تقطيع الوقت»

TT

كلما قتل اسرائيلي واحد، مدنيا كان ام عسكريا، يعلن رئيس الحكومة الاسرائيلية، ايهود باراك، «تعليق» مفاوضات التسوية السلمية مع الجانب الفلسطيني «احتجاجا» على الحادث.

وكلما ترددت تكهنات عن احتمال التوصل الى مسودة اتفاق.. يقتل اسرائيلي أو أكثر، فتعود حكومة باراك الى التذرع بالحادث لتعليق مفاوضات تجري وسط انتفاضة فلسطينية شعبية عارمة تجعل توقع سقوط ضحايا بشرية، من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، عاملا واردا في حسابات المفاوض الاسرائيلي إن لم يكن عاملا اساسيا في هذه الحسابات.. فلولا الانتفاضة والخسائر البشرية التي يتكبدها الجانب الاسرائيلي ـ إضافة الى الخسائر الاقتصادية ـ لما كان يفاوض أصلا على اي تسوية كانت. آخر تعليق اسرائيلي لمحادثات طابا اعلن عقب تأكيد باراك «ضرورة التوصل الى ادارة مشتركة» لمدينة القدس والاماكن المقدسة، وتوقع وزير الاعلام الفلسطيني، ياسر عبد ربه، «مفاجأة سارة للجميع»، في حال استمرت المفاوضات الى نهاية الاسبوع الحالي، الامر الذي يبرر التساؤل عن جدية المفاوض الاسرائيلي وصدق نياته، وتحديدا ما إذا كانت تجربة اسرائيلية لـ«تقطيع الوقت» بانتظار الاستحقاق الانتخابي الداهم.

من الواضح ان المفاوضات الراهنة تجري في وقت يعيش فيه الجانبان الاسرائيلي والفلسطيني حالة «انعدام وزن» سياسي، فباراك يفاوض على خلفية مصيره الانتخابي ويجس، بعد كل جولة تفاوضية، نبض الشارع الاسرائيلي ونتائج استطلاعات الرأي العام، فيما الجانب الفلسطيني ينتظر موقفا واضحا من الادارة الاميركية الجديدة حيال مبادرة سلمية تحمل بصمات الرئيس السابق بيل كلينتون. قد يكون استمرار التفاوض وسط هذه الظروف محاولة محسوبة لحمل ادارة الرئيس جورج بوش على الكشف عن موقف علني مبكر من مبادرة كلينتون السلمية، واستطرادا دفعها الى طرح مبادرة بديلة. إلا ان أجواء التوقع الراهنة لا تبرر تهرب حكومة باراك من اي التزام جدي حيال المقترحات المطروحة لتسوية مقبولة، فعامل الوقت ليس في صالح الجانب الاسرائيلي بقدر ما هو في صالح المزيد من التصعيد في مستوى عمليات الانتفاضة، خصوصا إذا صحت توقعات استطلاعات الرأي العام الاسرائيلي التي ترجح فوز الليكودي ارييل شارون في الانتخابات المقبلة.