عاصمة الوحدة الآسيوية!

TT

هل تريد شراء شقة في بنغالور؟ محلاً تجارياً في دلهي؟ هل تعرف عندما تقرأ عنواناً صحافياً عن شرق البنغال، ان المقصود هو بنغلادش؟ هل تريد السفر الى مومباي؟ اي بومباي، كما عرفها المساكين امثالي، يوم كانت العاصمة الاقتصادية للهند نصف ما هي اليوم من فقر ونسل وبشر يولدون ويعيشون ويموتون في الهواء الطلق، او الملوث، واصبحت الآن ـ برغم ما تعاظم وتكاثر من فقر ـ اغنى من جميع مهراجات الزمن الغابر وأفيالهم وهوادجها المطرزة بالجواهر؟

لماذا مومباي بدل بومباي، لا ادري. لماذا غيرت سري لانكا اسمها الجميل سرنديب لتصبح سيلان ثم سري لانكا، لا افهم. لماذا كتبناها انذاك سيلان وليس سايلون كما يلفظها الانكليز، لأن مترجما ما على الارجح اعتمد اللفظ الفرنسي. لماذا اكتشفنا بعد قرون ان بكين هي في الحقيقة بيجينغ؟ اسألوا الانكليز والفرنسيين. لماذا قال السلف المترجم «بلاد الشيشان» بدل «تشننشيا». ربما للدقة.

في اي حال، فلنعد الى اعلانات المباني الحديثة في بنغالور. والى محتويات العدد من صحيفة اليوم: المقال الافتتاحي عن سقوط السنيور استرادا في بلاد ايميلدا ماركوس. والخبر الرئيسي على الصفحة الاولى عن باكستان. وأسعار العملة هي يا طويل العمر اسعار الروبية والبيزو والبات التايلاندي. واخبار البورصة هي اخبار مومباي، المعروفة سابقاً بالاسم الشائع بومباي. والاخبار الاجتماعية هي وصول المستر باتيل من دلهي وسفر السيد خان الى كراتشي ووصول الوفد التجاري الماليزي. والزاوية الطبية عن مضار الأكل الحار وفوائده. وصفحة الغذاء عن الكاري وحساء الحوت والدجاج بالكاجو: تنقعين يا سيدتي صدر الدجاج بعصير الصويا لمدة يومين ثم تقلينه بزيت الصويا لمدة عشر دقائق ثم ترمين عليه حر الصويا وتتركينه حتى يبرد فتقدمينه الى ضيوفك مع كوكتيل الصويا والكاتو المصنوع من الصويا، ومن اجل التنويع، قدمي لضيوفك «جيلاتي صويا».

الصحيفة ليست طبعاً صادرة في هونغ كونغ ولا في سنغافورة ولا في اي ملتقى آسيوي آخر. انها الصحف الصادرة يومياً في دول الخليج: من البحرين الى الامارات: غالف نيوز. غالف ميرور وغالف ديلي. غالف ويكلي، غالف غالف. غالف مو ثم غالف مو ثم غالف. انها الجالية الآسيوية العاملة في هذه البلاد الحاضنة لسائر انواع المهاجرين الاسيويين. وقد اصبحت لهم هنا تصنيفاتهم مثل تصنيف التفاح في لبنان: احمر حراجلي. وغولدن جبلي. وموشح وطى (اي ساحلي) وهنا يقولون لك عليك بالحارس النيبالي فهو الاكثر امانة وبالطباخ الفيلبيني وبالطبّاع الهندي وبالعامل الباكستاني وبالبائع الماليزي (اوكراني في دبي). وفي رحلة طيران الخليج من لندن كانت المضيفات من كل لون ومن كل قارة. وكانت مضيفتي من قارة مانشستر وهي طبعاً تؤيد «اليونايتد». اي «اهلي» بلاد الانكليز. وتكره زوجة طوني بلير لأنها تتصرف كخليلة وليس كأم وتمضي وقتها امام المصورين بدل المطبخ وتتكل على المربيات ولذلك بلاها الله بواحدة من اسوأهن. وماذا تحب مضيفتنا ايضا؟ «مام» اند «داد». و«الفيش آند تشيبس» والملكة الأم. وشمس البحرين فيما لندن «تتأوح» بردا وثلجا وكراً تحت الصفر.