ندوة ولقاء

TT

المجتمع المدني له اشكال مختلفة وكيانات متنوعة تساهم في تطويره وصياغة المستقبل فيه. ولعل أحد أهم الكيانات المنشودة هي المراكز المعنية بالدراسات وتهيئة المعلومات والبيانات المطلوبة والتخطيط الطويل والقصير الأجل لأجل صناعة قرار أفضل وأدق. ومن السعودية انطلق أخيرا مركز جديد من هذا النوع، الغاية منه تفعيل العلاقة ما بين الدولة والمواطن بشكل علمي وفعال بعيدا عن الارتجالية والتنظير. ويأتي «مركز الدراسات والتخطيط» التابع لامارة منطقة مكة المكرمة على الساحة في توقيت مهم وحيوي ودقيق. ولقد اختار المركز موضوعا مهما في باكورة فعالياته وهو «ندوة الشباب والمستقبل» تناولت وطرحت محاور مهمة ولافتة تناقش القضية التنموية الابرز في البلاد اليوم وهي قضية الشباب وتحدياتهم. وقد تم عقد الندوة بشكل علمي وعملي، فكانت بعيدة تماما عن المهرجانات الخطابية الروتينية والمملة ولكن اعتمدت على اسلوب ورش العمل والحوار المفتوح، فاختيرت المواضيع والمحاور الاساسية ونوقشت بشكل دقيق ومعمق مع خبراء مختارين في شتى المجالات وبخلفيات متفاوتة وذلك على طريقة ورش العمل المتفاعلة. وكانت أيضا للشابات فرصة المشاركة في ذات الأمر عبر ورشات عمل لهن أيضا وفي مواضيع مهمة وجديدة مما اعتبر بمثابة نقلة نوعية في الطرح الجريء، وبعد ذلك كان هناك حوار مفتوح مهم ولافت مع أمير منطقة مكة المكرمة تنولت فيه المواضيع باسلوب واضح وصريح ومباشر وشفاف بدون تنميق للكلمات ولا ترتيب مسبق للحروف. وفي الحوار المفتوح ظهرت الكثير من الرسائل المهمة الموجهة للشباب تتناسب مع أحداث وظروف المرحلة المهمة التي تعيشها البلاد، وذات معانٍ تؤكد ضرورة تزكية قيم العمل في مجتمعنا واعادة تفهيم الاولويات لهم. وتم التحدث عن تطوير الفرصة الوظيفية للمرأة في السعودية وفتح مجالات أكبر لها أمام المهن الحرة كالمحاماة والمحاسبة والهندسة والترجمة وغيرها. وفي الحوار المفتوح أبرزت قضية تطوير المناهج الدراسية وضرورتها وأن قرار التطوير سارٍ وجارٍ العمل فيه، ووضح ايضا الاستعداد الموجود لدى الشاب والشابة في السعودية على تناول المواضيع بشكل مسؤول وجريء ومباشر مما يبعث الأمل على أنهم اذا اتيحت لهم الفرصة السليمة سيكونون قادرين على العطاء والمشاركة. والندوة التي نجحت في لقائها الأول أن تفتح المجال للنقاش العملي في قضية محورية كهذه تأمل الى دراسة مشاكل الشباب وتحدياتهم وتقديم الحلول المنطقية والعملية لتلك المسائل. انعقاد الندوة بحد ذاته، بهذا الاسلوب من الشفافية والحوار المباشر، فيه العديد من العبر والرسائل البليغة، ويبقى التحدي الاكبر أن تكرر تلك التجربة على مستوى المملكة وأن تكون لتلك التوصيات قدرة على التنفيذ وأن تقاس كفاءة التنفيذ بعد ذلك حتى يكتب لهذه التجربة المهمة النجاح والاستمرارية.