(الزغنّونة) و(الهرش) *

TT

المال حلل كل غير محلل ـ حتى زواج الشيب بالأبكار

سحر القلوب فرب أم قلبها ـ من سحره حجر من الأحجار

دفعت بنيتها لأشأم مضجع ـ ورمت بها في غربة وأسار

(يا لهوي) على المال، والدنانير الذهبية وليس الورقية، والأرصدة البنكية الفلكية التي تملك من (الأصفار) ما لا أملك من عدد الأصابع بيديّ وأقدامي معاً.

هل صحيح أن المال قد حلل كل غير محلل مثلما يقول الشاعر؟!، دينياً غير صحيح إطلاقاً.. أما (مجازيّاً)، حيث زواج الشيب بالأبكار فصحيح بمائة وواحد في المائة.. وإذا كنتم لا تصدقوني فاسألوا (عاقدي الأنكحة)، الذي يتكاثرون هذه الأيام مثل الرز.

أما أنه يسحر القلوب، فلا شك في ذلك، وليس فيها (طقّة عصا)، خصوصاً لدى النساء المنتصفات بالعمر.. أما المراهقات فأقل ما يأتيهن يرضيهن، حيث أنهن بالفعل رضيّات (يا كبدي عليهن)، فلوح (الشيكولاتة) بالنسبة للواحدة منهن، قد يكون أحب من سبيكة الذهب، وقرن (أيس كريم) بالفانيليا أطعم لديهن من خروف محشي.

أما النساء المؤهلات قريباً لأن يدخلن عالم الحموات (الفاتنات أو غير الفاتنات)، فهذا الكلام لا يمشي معهن، ولا يؤكل عيشاً، إنهن يردن فعلاً، جنيها ينطح جنيها، وشيكا ينطح شيكا، وسيارة تنطح سيارة، وبيتا ينطح بيتا، ورصيدا ينطح رصيدا..

وعلى ابنتها (الزغنّونة) التي لم تفطم ولم تخرج من اللفّة إلا قبل عقد ونصف العقد من السنين، على تلك البنت التي (يا دوبك) قد بدأت تخطو أولى خطواتها على عتبات المراهقة الراقصة، والمفعمة بالتفجّر.. عليها أن تكبح جماح انطلاقتها للحياة، وان تمتثل صاغرة لأمر والدتها أو والدها، اللذين سال لعابهما، وامتثلا صاغرين لجبروت المال (ودغدغته). وما على ابنتهما صاحبة الطرف الكحيل، والخصر النحيل، والعاقصة لشعرها، واللابسة (للتنس شوز)، والمدندنة بأحدث أغنية لأحدث (البوم).. ما عليها إلاّ أن تدخل (الإسطبل)، لتكون مهرة طيّعة، لأتعس فارس، لا يقدر أن يرفع رجله المتخشبة من على الأرض، ناهيك عن أن يمتطي الصهوات. وتدخل المسكينة إلى عالم ممتلئ بالوسائد، والمطارح، والرياس، والحرير، والكريستال، والأنوار، والأبخرة، والعطور.. وإلى جانب ذلك كله عليها أن تتعايش مع النحنحة، والكحكحة، والأصوات (العجيبة الغريبة) على مختلف الموجات، ولكن كله يهون في سبيل المال (يا نظر عيني).

* الهرش هو: فحل الإبل الذي أكل الدهر عليه وشرب.