إصلاح الضرر

TT

ستحتاج الادارة الاميركية الى جهد اكبر من مجرد تقديم اعتذارات لاصلاح صورتها التي تضررت من جراء فضيحة صور اساءة معاملة المعتقلين العراقيين التي التقطت في سجن ابوغريب في بغداد والتي يبدو انها مازالت في بدايتها مع توقع نشر المزيد من الصور المؤسفة في وسائل الاعلام الاميركية التي تقول ان لديها المزيد من الصور والقصص.

والامر لا يقتصر على اصلاح الصورة لدى الدول العربية او العراقيين الذين شاهدوا ممارسات مؤسفة بينما كانوا قد وعدوا بأن انتهاكات حقوق الانسان التي مورست على نطاق واسع خلال فترة النظام السابق مرحلة انتهت من حياتهم، فالادارة لديها مشكلة داخلية ايضا تتعلق في جزء منها بخطتها لمرحلة ما بعد الحرب في العراق، ويبدو ان تسريب هذه الصور الى الاعلام الاميركي جزء من هذه المعركة الداخلية التي تدور مع فريق المحافظين الجدد والذين يوصفون بانهم غلبوا الايديولوجية على السياسات الواقعية، وستتصاعد المعركة كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية.

بداية،ً ان الجدل السياسي الدائر داخل الولايات المتحدة واستدعاء وزير الدفاع لسؤاله في الكونغرس، مع الاعتراف بالمسؤولية وتقديم اعتذارات، هو بداية لعملية الحساب الضرورية اذا ارادت واشنطن اقناع العراقيين بان هناك فارقا في الممارسات بين النظام السابق والوضع الحالي.

لكن الازمة لن تنتهي خاصة مع نشر صور جديدة كل يوم بمجرد اعتذارات، أو تحميل المسؤولية لجنود من مستوى صغير وتقديمهم لمحاكمات، فكما هو واضح فان الافتقاد الى آلية قانونية تكفل حقوق المعتقلين تؤدي الى بيئة تسمح لافراد بان يتصرفوا على هواهم بدون حساب.

لذلك فان التحقيق والحساب يجب ان يكونا في حجم ما حدث وان يشملا القيادات المسؤولة عن ذلك. وحتى لو كانت هذه الممارسات جرت بدون علم القيادات فان ذلك لا يعفيهم من المسؤولية والحساب، كما ان المتضررين يجب ان يتلقوا تعويضا يرضيهم، مع وضع نظام يكفل عدم تكرار مثل هذه الممارسات.

وخارج ذلك فان هذه القضية يجب ان تدفع الى إعادة التفكير في الطريقة والاسلوب اللذين تجري بهما ادارة الامور في العراق، فبعد اكثر من عام من نهاية الحرب ما زالت الامور هناك تراوح مكانها ان لم تكن تسير الى الاسوأ فيما يتعلق بالوضع الأمني وتحسين ظروف المعيشة واعادة بناء الاقتصاد وايجاد وظائف للعراقيين.

صحيح انه قد تكون هناك بعض القوى التي تحاول استغلال الفراغ السياسي الذي حدث من اجل اختطاف مستقبل العراق لحسابها، او جهات ليس لديها مصلحة في استقرار العراق، لكن من الصعب رؤية مخرج من هذا الوضع إلا بتسريع العملية السياسية التي تؤدي الى انهاء الاحتلال وتحويل السيادة الى العراقيين.

لذلك فان الالتزام بموعد نقل السلطة في يونيو أمر مهم مهما كانت الظروف الأمنية، وعلى القوى السياسية والفاعلة في المجتمع العراقي ان تتحمل مسؤوليتها، وان تكون قادرة على رؤية المصلحة المشتركة في العمل من اجل قيادة السفينة الى بر الامان.