قبل أن تصير مأساة

TT

اصبحت اوروبا الموحدة الآن نصف العالم المتحضر، او المتقدم، تقريباً. 425 مليون انسان ينتمون الى مجتمع صناعي وتراثي وفكري هو أب المجتمع الاميركي وأمه. وهذه المجموعة كانت في وقت من الاوقات هي الاستعمار، وكانت بقية العالم هي المستعمرة: من الصين الى الاميركتين إلى افريقيا إلى آسيا الى الشرق الأوسط.

وفي هذه المجموعة الآن، بريطانيا، حيث «السيتي» واللغة الانكليزية. وهناك فرنسا والمانيا ومكانتهما الاقتصادية. وهناك اسبانيا التي تتحدث لغتها القارة الجنوبية الا البرازيل. وفي اوروبا الجديدة 8 دول شيوعية سابقة من اهل الفقر، وهي التي سوف تشكل الخطر المباشر على العرب. وبالتحديد على فقرائهم.

الخطر الاكبر على الهجرة العربية الى اوروبا كان مظاهر التطرف وتفجير القطارات، ووصف بريطانيا بأنها مرحاض على ما جاء في تصريح شهير لأحد مشايخ فينسبري بارك. هذه المظاهر حملت دول اوروبا على تعديل قوانينها، وجعلت الفرنسي او الايطالي يتحاشى شراء البرتقال من البقَّال التونسي الطيب كما اعتاد منذ اربعين عاماً، وجعلت الاسباني يرتعد اذا شاهد عربياً في محطة القطار. ولكن مع ذلك هناك جالية عمالية بالملايين، نصفها على الاقل مقيم بصفة غير قانونية. والسبب انه يقوم بالاعمال البسيطة ويقبل بالاجور البسيطة ايضاً ويعيش في المعازل الاثنية بعيداً عن التجمعات الاوروبية.

هذا العامل سوف يواجهه الآن الدفق المقبل من فقر البلاد الشيوعية السابقة. سوف يدخل بصورة قانونية ومعه أفضلية المهارة المهنية ومعه ايضاً ضمانة الاطمئنان اليه. فهو لا يشكل في الذهن عضواً في خلية ولا يهوى الأحزمة الناسفة. وسوف يشكل المنافس الجديد مشكلة اقتصادية واجتماعية جدية في بعض الدول العربية المصدِّرة للقوى العمالية. وليس للحكومات المعنية دور كبير تلعبه. بل ان مسؤولية كبرى تقع على عاتق القيادات العربية الاجتماعية في اوروبا، مثل رجال الدين والنقابيين والناشطين. وقد اصغيت باحترام وإعجاب الى رئيس اتحاد العمال المغاربة في اسبانيا وهو يتحدث عن «واجبات» مليون عامل، نصفهم غير شرعي. بمعنى واجباتهم الأدبية والأخلاقية والمسؤولة، حيال دولة تقدم لهم ولعائلاتهم ولبلدهم، دعماً هم في امسّ الحاجة اليه. ولا يجوز ان يذهب مليون انسان بوزر الكوكبة المغربية التي قررت ان تفجر قطارات المساء في مدريد لأن فرقة من جيش السنيور اثنار تحارب في العراق.

سوف يواجه عرب اوروبا مشكلة قد تصل الى حد المأساة. بسبب المقبلين الجدد من قلب اوروبا. وهذه المأساة لا تحل بأن يكتب إليَّ فارس ما ويعتبر ان القضية بين سعادته وبيني. هذه قضية بشر وعائلات وأطفال وأعباء على الدول المصدرة التي لا تستطيع استيعاب المهاجرين ولا ان تواجه عودتهم. انا اعرف تماماً ان هذا موضوع اولي في المغرب والجزائر وتونس وغيرها. لكن الكثير يتوقف على قادة الجاليات في اوروبا نفسها. يجب ان يبرروا صورة مليون متق لا صورة عشرين هاو لمنظر الاشلاء الجماعية.