التبرع بالأعضاء

TT

هناك آلاف الأشخاص يموتون سنوياً بسبب أن عضوا من أعضائهم قد تلف، ولم يجدوا من يتبرع لهم بعضو مماثل، وهناك ملايين الأشخاص يموتون سنوياً بكامل أعضائهم الجيدة والممتازة التي تدفن معهم وتتحول إلى تراب، دون أن يتبرع واحد منهم بعضو من أعضائه.

صحيح أن كل إنسان حر بنفسه وأعضائه، طالما أن الله قد وهبها له وائتمنه عليها، ولكن هناك ثقافة إنسانية لا تناقض ذلك يجب أن تسود.

فالمتبرع بأعضائه كالمتبرع بدمه سواء بسواء.. وتخيّلوا لو لم يكن هناك متبرعون بدمائهم، فماذا سوف يكون حال المصابين أو المرضى في كل مستشفيات العالم؟!

أعرف صديقين كانا على شفا حفرة من الموت، فأنقذ الأول قبل ستة أعوام قلب فتاة لا تتجاوز العشرين من عمرها ـ ويقال إنها كانت جميلة وعلى خدها الأيمن حبّة خال ـ وقد ذهبت المسكينة في حادث سيارة، وها هو الصديق الآن يسرح ويمرح على الشواطئ، وفي المرابع، ويبز (ترافولتا) في رقصه، كأي مراهق، أو كأي (ثور فلتان).

والصديق الآخر زرعت له كبد قبل عامين، فتبدل حاله، وصفا لونه، وأصبح ضحوكاً بعدما كان عبوساً، إلى درجة أن زوجته بدأت تغار عليه، بعدما كانت تنام مطمئنة أشد الاطمئنان، لأنه كان (يا دوبك) يتحرك (كالناموسة الدائخة) يا حبّة عيني.

وكنت وما زلت، وسأظل ألح على أن تكون هناك حملة مستمرة ومتواصلة في وسائل الإعلام، تشجع الناس على التبرع بأعضائهم التي تساهم بإنقاذ حياة أناس لا حول لهم ولا طول.

كما أنني من منبري المهتدئ هذا، أتمنى لو أن فتوى قد صدرت تبيح وتحلل نقل أعضاء المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام والقصاص.

كما أنني أعلن على الملأ وبأعلى صوتي: أنني متبرع بكامل أعضائي ابتداء من اليوم حتى إشعار آخر.. أقول إنني متبرع بأعضائي كلها دون استثناء، ما عدا عضوا واحدا لا أفرط فيه أبداً، ألا وهو قدم رجلي اليسرى، فله معي ذكريات عزيزة وحميمة، ومن الصعب أن أكون في القبر وحدي دونه.

أما ما عدا ذلك، فلا توفروا منّي شيئاً، ولكم أن تأخذوا ما شئتم من أعضائي التي أشك أنها صالحة للاستخدام الآدمي.. هذا لو أنها فحصت، أو وزنت، أو طبقت عليها مواصفات المقاييس والجودة.

فاكس: 02/6064396