باكستان: الصخرة التي تستخدمها واشنطن لكسر الأصولية

TT

مع الاضطرابات السائدة في العراق، والدلائل التي تشير إلى أن أفغانستان ما تزال بلا دولة حقيقية، ليس مستغربا ألا تقتصرالشكوك حول مقدرة الولايات المتحدة على دفع عملية نشر وترسيخ الديمقراطية في المنطقة، في الشرق الأوسط وحده، بل تمتد إلى داخل أميركا نفسها. ويشير هذا الواقع إلى الأهمية الحاسمة لنجاح التجارب المحلية للحكم الديمقراطي في اية منطقة من العالم الإسلامي، وخاصة في بلد نووي ذي موقع استراتيجي مثل باكستان، ولكن هل تساعد سياسة الولايات المتحدة على إنجاح هذه التجربة في باكستان؟

قال نائب وزير الخارجية الأميركية ريتشارد أرميتاج عن رئيس باكستان، الجنرال برويز مشرف، إنه «الرجل المناسب في الزمن المناسب». ويريد بوش من الكونغرس مكافأة حكومة مشرف بثلاثة بلايين دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، مع التجاهل الكامل للدور المرجح للعسكريين الباكستانيين في بيع التقنية النووية لكوريا الشمالية وإيران وليبيا. وفي الحقيقة فإن إدارة بوش اقترحت أخيرا، اعتبار باكستان «حليفا رئيسا خارج الناتو».

الموقع الذي يحتله مشرف باعتباره «الرجل المناسب» يرجع اساسا لمساعدة باكستان في العمل ضد القاعدة، والاعتقاد بأن العسكرتاريا الباكستانية هي الصخرة التي سيتكسر عليها نمو الأصولية الإسلامية في دولة نووية. وكدليل على الخطر الذي تنطوي عليه باكستان، فإن اثنين من أقاليم باكستان الأربعة يخضعان حاليا لنفوذ المتطرفين الإسلاميين بحركة «متحدة مجلس أعمال» أي منبر العمل المشترك، وهو تحالف من ستة أحزاب إسلامية.

ولكن قبل أن يصادق الكونغرس على «مستحقات القلعة الحصينة» عليه أن يفكر في الحقائق التالية: في انتخابات عام 1993، لم تنل الأحزاب الأصولية سوى تسعة مقاعد من جملة 217 مقعدا في الجمعية الوطنية. وفي عام 1997 انخفض عدد المقاعد إلى اثنين فقط. ولكن في عام 2002، أي بعد بعد ثلاث سنوات من انقلاب مشرف عام 1999، حصل التحالف الإسلامي على 45 مقعدا من 272 هي جملة المقاعد في الجمعية الوطنية، كما حصل التحالف على 48 مقعدا من 99 مقعدا في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي ذي الأهمية الكبيرة.

ومما يدمر مفهوم القلعة الحصينة وجود أدلة قوية على ان مشرف وقواته المسلحة، لعبوا دورا في هذه النتائج. وقد فازت الأحزاب الكبرى المعتدلة مثل حزب الشعب الباكستاني برئاسة بي نظير بوتو، والمنتمي إلى يسار الوسط، وحزب الرابطة الإسلامية بقيادة نواز شريف والمنتمي إلى يمين الوسط، بنسبة 70% من الأصوات ومن المقاعد كذلك في انتخابات 1993 و1997. وقد نظر مشرف وقادته العسكريون، وهم على حق في ذلك، لهذين الحزبين باعتبارهما التحدي الأساسي لادعاء الحاكم العسكري بأنه يحكم باسم « المصلحة الوطنية العليا»، وهذا هو السبب الذي دفعه إلى نفي الرئيسين السابقين لمجلس الوزراء. وفي يوم 12 أبريل(نيسان) الماضي، حكم على جافد هاشمي، نائب رئيس الرابطة الإسلامية، بالسجن 23 عاما لإساءته إلى القوات المسلحة. وقد لجأت الطغمة العسكرية إلى العنف المنظم ضد هذين الحزبين المعتدلين في انتخابات عام 2002، وذلك في نفس الوقت الذي أعطت فيه الإسلاميين الحرية الكاملة في عقد اللقاءات الجماهيرية التي يريدون.

ويدرس الكونغرس طلب الادارة بتقديم مساعدات قيمتها 700 مليون دولار لباكستان. وربما يقرر ايضا مناقشة تشريعات، تقدم بها النائب غاري اكرمان الديمقراطي عن ولاية نيويورك، تؤكد ضرورة ان يشهد الرئيس، ان البلد ديمقراطي وانه يشارك الولايات المتحدة في جهود متقدمة لمنع انتشار الاسلحة، قبل اعتباره دولة ما «حليف مهم غير عضو في الناتو».

ان الديمقراطية في باكستان ليست ضعيفة بسبب المتطرفين الاسلاميين. ففي 6 انتخابات عامة اجريت منذ عام 1970 يمكن فيها تحديد نسبة التصويت، لم يتمكن المتطرفون من الحصول على اكثر من 12 في المائة من الاصوات. ومن الاسباب التي تضعف الديمقراطية في باكستان هي انه في 56 سنة منذ استقلالها، لم تستكمل أي حكومة منتخبة مدتها القانونية.

ان«الشخص المناسب» بالنسبة للولايات المتحدة وباكستان هو رئيس للوزراء يصل للمنصب عن طريق انتخابات حرة وتسمح له المؤسسة العسكرية بانتهاء مدته الدستورية.

*الفريد ستيبان استاذ الادارة الحكومة في جامعة كولمبيا

* اقبال شاه عالم من باكستان، وباحث زائر في المؤسسة الديمقراطية لترويج الديمقراطية

خدمة «واشنطن بوست» («الشرق الأوسط»)