مشكلتكم مع الزرقاوي

TT

قلبت صور فيديو الزرقاوي، التي روجتها الجماعات المتطرفة على الانترنت، غضبة العالم ضد صور سجن ابوغريب، وصبت المزيد من الزيت على النار ضد المسلمين في كل مكان. ما ظهر في الفيديو أكثر بشاعة من كل ما رأيناه في سجن ابو غريب. فيه ظهر الزرقاوي وهو يحز رأس المخطوف الاميركي ثم يرفع الرأس المقطوع بيده مهللا سعيدا معلنا ان هذا هو حكم الاسلام. وسبق ان فعلت مع رهينة ايطالي قبل اسابيع لكن الفيديو لم يصل الى الناس واحجمت محطات التلفزيون عن بثه، وقبل عام ونصف أيضا ظهر على نطاق محدود فيديو يصور عملية قطع رأس صحفي اميركي في باكستان.

هذه البشاعة التي تمارس باسم الاسلام والمسلمين لن تمر بسهولة في العالم كله بعد ان روجتها على الانترنت جماعات اصولية اسلامية واستخدمتها أيضا جماعات غربية معادية للمسلمين، اتفقت على توسيع الشقة بين الجانبين ودفع الامور نحو حالة حرب فعلية. جاءت ردود فعلها سريعة حيث هوجمت المساجد والمدارس في عدد من الولايات الاميركية، واستغاثت المنظمات الاسلامية الاميركية بالسلطات المحلية طلبا لحمايتها من التهديدات الجديدة، وسكتت فجأة معظم الاقلام الناقدة في عدد من دول العالم.

وليفهم كثيرون ان دخول المتطرفين الساحة العراقية سيدفع ثمنه أولا العرب والمسلمون، لا الاميركيون. حاليا يؤججون العواطف ويدفعون الجانبين نحو الصدام، وفي المرحلة اللاحقة يسعى المتطرفون الى تحويل الساحة العراقية الى افغانستان أخرى، قاعدة ينطلقون منها نحو بلدان المنطقة التي يرونها جميعا دولا كافرة ويجب تحريرها. هدفها لا علاقة له بالعراق وتحريره، حيث تعتبر «القاعدة»، كتنظيم سني متطرف، الشيعة كفارا وكذلك الدروز والاسماعيليين والصوفيين وغيرهم. والذي يخلط بين دعاوى تحرير العراق وبين طروحات الأصوليين هم اناس لا يميزون طبيعة الحدث الجديد. وما لم يع الجميع حجم الخطر الذي تمثله هذه التنظيمات المتطرفة، سواء كانت سنية او شيعية، وكيف ستحيل الساحة العراقية الى حرب دينية فانها ستجد نفسها غدا تواجه اعظم تهديد لمجتمعاتنا لسنين قادمة.

وأكبر خطأ ترتكبه القوى العراقية المحلية ان تتحالف مع جماعات كـ«القاعدة» تعتبر مقاتلة الاميركيين مدخلا لمحاربة بقية الفئات العراقية تعتبرها خارجة عن «ملتها».

لقد اطفأ الزرقاوي بجريمته التي راجت بشاعتها على الانترنت تلك الشعلة المتقدة في انحاء العالم الرافضة لافعال قوات الاحتلال. كان هناك، ولأول مرة، إجماع على استنكار ما قامت به القوات الاميركية واستعجال على تسليمها السلطة للعراقيين، وبسبب فضيحة ابوغريب دخلت الاطراف المشرعة الاميركية والمؤسسات الرقابية الدولية تصر على مراجعة ومراقبة ما يحدث. لقد جعلت صور السجن كل اميركي، مهما كان لونه السياسي، في خجل مما حدث الى حين اظهر الزرقاوي جريمة أكثر بشاعة وتباهى بها اتباعه ونشروها في العالم.