جدة.. وخطر الزلازل!

TT

في التاريخ الاداري المعاصر للسعودية لا توجد وصمة أوضح من التي حدثت في مشاريع الصرف الصحي بمدينة جدة. جدة بوابة الحرمين الشريفين والميناء السعودي الأول تعاني من مشكلة خطيرة وجسيمة هي عدم وجود شبكة للصرف الصحي تغطي بها احتياجاتها اسوة ببقية المدن الطبيعية في العالم. وبسبب تلك المشكلة الهائلة وقعت العديد من التجاوزات والمخالفات التي أدت الى تفاقم الوضع وسوئه.

وكان من نتائج هذا الوضع المتردي أن ازدادت الامراض ذات الطابع الوبائي وظهرت امراض من نوعية جديدة كحساسية الجلد والعيون، وامراض صدرية، وسقوط الشعر، اضافة الى ان نسبة سرطان الرئة والثدي في جدة تزيد بمعدل 40 في المائة عن المعدل الوطني. يضاف الى ذلك تشقق واهتراء كثير من المباني في الاحياء السكنية التي تعاني من ارتفاع في منسوب المياه الجوفية المشبعة بالمجاري. ويضاف طبعا الى تلك الحقائق الاليمة والحزينة أن الحياة السمكية على ساحل جدة باتت شبه معدومة ومياهها شديدة التلوث بعد سنوات طويلة من تفريغ المجاري في مياه البحر الاحمر.

ولسنوات غير قليلة كان النمو السكاني في جدة في ازدياد غير عادي، وكانت الوسيلة الوحيدة المتاحة لذلك هي سيارات الشفط المعروفة باسم «الوايتات» والغرض منها شفط المجاري من المنازل. وخلال تلك المشاوير السامة كانت تلك «الوايتات» تلوث المدينة بما يتساقط منها من مواد سامة، حتى تم بناء بحيرة في شرق المدينة ليتم فيها تخزين مياه المجاري، وكانت هذه بمثابة قنبلة موقوتة على سكان المدينة جميعا، فمنها انتشرت أوبئة جديدة بسبب تكاثر الحشرات والبعوض باشكال هائلة وغير مسبوقة. وباتت هذه البحيرة الكابوس الجديد الذي يقلق أهل عروس البحر الاحمر. وتم اصدار الامر ببناء سور حول البحيرة كحل خوفا من تآكل وسقوط وانهيار السور المؤقت وحدوث كارثة كبرى نتاج ذلك.

والآن يأتي مصدر قلق جديد وهو تصريح لمدير برنامج الدراسات الزلزالية بالسعودية وهو: أن جدة مهددة بزلزال قد تصل قوته الى درجتين على مقياس ريختر بسبب اتساع بحيرة الصرف الصحي. ويعلم الكثير أن زلزالا كهذا لو وقع فنصف مدينة جدة سيكون غارقاً تحت ارتفاع 40 الى 50 سم من المجاري في خلال 7 ساعات ونصف ساعة. ولا اعلم كارثة بيئية كبرى بحاجة للتحرك والتعامل الطارئ معها أكبر من هذه.

شبكة الصرف الصحي في جدة وصمة عار على الأداء الرسمي لمشاريع البنية التحتية، ومن الظلم عدم معاقبة أي مسؤول لليوم عما حدث. كل الامل أن يعاد الامل وتقام العدالة في هذا الامر، فهناك مدينة تحتضر وحياة ناس مهددة.