حلم المطارات القادم

TT

كعادتها كانت الطائرة مكتظة من دبي الى جدة. ووسط زحام الركاب حيث كنت اجلس في المنتصف طلب مني الجالس الى يساري وهو يشير الى جوازه البنغالي أن اعينه على تعبئة بيانات بطاقة الجوازات. فعلت بصعوبة لصعوبة فهم الكيفية التي كتب بها الجواز هناك، وبعد أن اعدته اليه وهو سعيد، قرأت في أعين الركاب الأميين الآخرين بجواره الرغبة نفسها، ولو فعلتها لما كانت مدة الساعتان والنصف، زمن الرحلة، تكفيني لتنفيذ المهمة.

وتذكرت البطاقة الالكترونية التي تستخدمها دبي بديلا عن الجواز لكل أجنبي او مواطن على أرضها، فهي تحل بشكل دقيق مشكلة رصد معلومات المسافرين من خلال تسجيل البيانات عبر البوابات الالكترونية التي تقارن بين بصمته والبصمة المخزنة على بطاقته، وتسجل فورا كل المعلومات عنه كما وردت في بطاقته، بدلا من أن أقوم انا او حامل الجواز بتعبئة تلك البيانات غالبا بشكل ناقص او خاطئ. وفي دبي، سجلت بياناتي الكترونيا لمرة وحيدة زرت فيها مكتب الجوازات الالكترونية. وهناك طالعتني الموظفة الاماراتية التي كانت تسجل البيانات باستغراب ثم قالت مبتسمة، «أظنك جني». سألتها إن كانت حكومة دبي تحتفظ بقوائم عن الجن أيضا، وإلا كيف اكتشفت هويتي؟ شرحت لي أن بصمتي السبابتين عندي متشابهتان تقريبا، وهو غير مألوف عند البشر. سألتها ما الحل، فطلبت مني استخدام بصمات اصبعي الابهام ثم اعلنت راضية، «أوكي، أنت الآن إنسي لكن شبه مطلوب!». مطلوب، ممن؟ شرحت لي مرة ثانية انه اسم على اسم وسيتم التفريق بينك وبين الراشد الآخر بمعلومات مميزة. وخرجت «إنسي محترم».

الذي أعرفه ان تقريرا للامم المتحدة عن أفضل الحكومات في استخدامها الالكتروني، صنف الامارات في المرتبة الأولى على صعيد دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا تليها كل من البحرين وتركيا وقبرص والأردن ونتيجته مدهشة، خاصة ان هذا المطار يدير عمليات ضخمة من الحركة الجوية والبشرية وهي تتم، بفضل التقنية وشبابها، بيسر وسهولة.

بعد شهرين ستقدم البحرين على خطوة أكثر تقدما، مستخدمة بطاقة ذكية لكل مواطن تشتمل على معلومات الهوية والسكن والجواز والبطاقتين الطبية والتعليمية ورخصة القيادة وغيرها، وبذلك ستكون البحرين ثالث دولة في العالم تصدر هذه البطاقة الذكية، حيث سبقتها ماليزيا وهونغ كونغ. وفي السعودية، بدأت عمليات التسجيل الجديدة للهويات الالكترونية الجديدة التي ستسهل على الجميع الحركة.

ومن شبه المؤكد ان الجوازات والبطاقات الالكترونية ستكون فرض عين على حكومات العالم حيث لم يعد يُحتمل الخطأ في تسجيل البيانات او تحليلها وتعقبها، بعد ان صار الأمن الهاجس الأول لكل الحكومات. والجواز الالكتروني سيكون نعمة على الأميين، مثل زملاء الرحلة الذين بدوا في حالة قلق مع اقتراب موعد هبوط الطائرة لا يدرون كيف سيمرون أمام ضباط الجوازات، وغالبا سيضطر الموظفون لتعبئة البطاقات على حساب وقتهم وعملهم.