طمأنينة بخمسين سنتا فقط

TT

أنا سعيد لأن الرئيس بوش ألقى خطابا متزنا حول توجهاتنا في العراق وفي الحرب ضد الإرهاب. ولكنني لا أستطيع أن أقول إن ما سمعته بعث الطمأنينة العميقة في قلبي. لا أزال أشعر بأننا نفتقر إلى استراتيجية واسعة وقابلة للتنفيذ. لدينا لجنتان تنظران إلى الوراء، وتتأملان في أحداث الماضي، واحدة حول 11 سبتمبر (أيلول)، والثانية حول الفشل في العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق. هذه قضايا جوهرية، ولكن ما نحتاجه أكثر هو لجنة من الحزبين تنظر إلى الأمام وإلى المستقبل. وسأسميها من جانبي، اللجنة القومية لتصحيح المسار. وستكون مهمتها بسيطة جدا: أن توضح للشعب السياسة الصحيحة التي ينبغي للولايات المتحدة إتباعها، إذا كنا جادين في محاربة الإرهاب وبصرف النظر عن ثمن هذه السياسة. وذلك حتى لا نضطر إلى تكوين لجنة أخرى بعد سنتين، لتكون مهمتها كذلك، النظر إلى الوراء. وهذا ما أود أن أراه:

* أن نأخذ كل الأموال التي يضيعها فريق بوش في حملات العلاقات العامة، ونوجهها إلى العالم العربي الإسلامي ونمول بها ثلاثة مشاريع: إقامة مكتبات أميركية ضخمة تابعة للسفارات الأميركية في كل أنحاء العالم، وهي التي خفضت مخصصاتها في السنوات الأخيرة. (سيندهش الكثيرون إذا عرفوا عدد الشباب الذين تعرفوا على أميركا لأول مرة من خلال مكتبة السفارة)، التوسع الكبير في عدد البعثات الطلابية إلى أميركا، ثم التوسع الهائل لخدمات الهجرة لتسهيل وتسريع القرار حول من يستحق الدراسة والهجرة إلى أميركا ومن لا يستحق كذلك. وما أكثر عدد الطلاب الممتازين الذين يحرمون من الدراسة في الولايات المتحدة من دون وجه حق. وأنت لا تحصل على علاقات عامة جيدة عن طريق الإعلانات. ولكنك تحقق ذلك إذا سمحت للناس بالحضور إلى أميركا، أو فتحت لهم ابواب مكتباتك، وأعطيتهم الفرصة ليحكموا بأنفسهم.

* فرض ضريبة مقدارها 50 سنتا على كل غالون غازولين، وسمها ضريبة المواطنة الجيدة، مضافا إليها اقتراح زوجتي وهو مجانية الموقف في كل أنحاء البلاد، لكل سيارة يكفيها غالون البنزين أكثر من 35 ميلا. ضريبة المواطنة يمكن الصرف منها على تمويل حروب العراق وأفغانستان، وتمويل مشروع مانهاتن للإسراع بتطوير إقتصاد هيدروجيني، يمكن الجمهور من المشاركة في المجهود الحربي، بينما يقلل اعتماد البلاد على النفط الأجنبي. ليس ثمة طريقة لتحفيز عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي في العالم العربي الإسلامي بدون تخفيض دخولهم من النفط بصورة جذرية، وإجبار حكوماتهم بالتالي على إصلاح اقتصادها ومجتمعاتها، وخلق وظائف حقيقية لشعوبها. هل هناك أي شيء أكثر غباء من حملة العلاقات العامة التي يشنها بوش مشنعة على جون كيري أنه نادى في يوم من الأيام بفرض ضريبة على الغازولين؟ وإذا كنا قد فرضنا ضريبة المواطن على الغازولين العام الماضي، فربما بقي سعر الغالون دولارين مع ذلك، ولكن 50 سنتا كانت ستذهب إلى تمويل المدارس الأميركية.

* علينا أن نقود المفاوضات لتخفيض دعم المنتجات الزراعية الأميركية والأوروبية و اليابانية. ولن يساعد الفلاحين الباكستانيين والمصريين وغيرهم من الفلاحين المسلمين الفقراء، في العالمين العربي والإسلامي، أكثر من تحريرهم من منافسة غير عادلة مع منتجاتنا الزراعية المدعومة.

* بذل جهد حقيقي لحل النزاع العربي الإسرائيلي المرير، بما في ذلك استخدام قوات من حلف الناتو للفصل بين الطرفين.

* نعلن أن الحرب ضد الإرهاب ستكون حربا طويلة ضد الاسلام الاصولي، ومع أن استخدام القوة ضروري هنا، إلا أنه ليس كافيا. توصيل كل النقاط المذكورة أعلاه لتقوية العرب والمسلمين المعتدلين، لأنهم الوحيدون الذين يمكن أن يواجهوا المتطرفين. وللأسف الشديد فإن فريق بوش تصرف إزاء هجمات 11 سبتمبر وكأنما كل القوانين والقواعد القديمة قد ألغيت بجرة قلم. وأعتقد أن هجمات 11 سبتمبر كانت حدثا عملاقا. ولكن الكتاب القديم وقواعده الراسخة: تقريب الحلفاء، مراعاة اتفاقات جنيف، التضحية بالمصالح الخاصة، التنمية الإقتصادية، التعليم، الدبلوماسية العربية الافريقية، لا تزال أعظم مصادر قوتنا في جهودنا لإجراء الإصلاحات المتدرجة في تلك الأقاليم المرشحة أكثر من غيرها لتهديد سلامتنا القومية ومجتمعنا المفتوح.

*خدمة «نيويورك تايمز»