جرائم «القاعدة» في المملكة.. ليست غباء فقط.. بل عمالة واضحة

TT

من هو المستفيد من تزايد أعمال الإرهاب المنكرة في المملكة العربية السعودية؟ وما الذي تهدف إليه منظمة القاعدة التي نرى بصماتها واضحة في كل نقطة دم تزهق في المملكة؟

إذا قرأنا بيانات القاعدة المنشورة في شبكة الانترنت، أو عبر الفضائيات، أو مثلها، عبر مقابلات صحافية مكتوبة، فإن هذه المنظمة المشبوهة تنشد ثلاثة أهداف، كما تقول: أولا: التصدي للعناصر الأجنبية في المملكة والخليج.. ثم طردها من بلاد الإسلام. ثانيا: تحرير فلسطين.. وتحرير العراق. ثالثا: إقامة الدولة الإسلامية المبنية على قاعدة إمارة المؤمنين ووضعها تحت قيادة الإمام بن لادن الذي يريد ـ صراحة ـ أن يكون أمير المؤمنين الجديد. ولعله من الضروري القول إن أهداف «القاعدة» براقة تداعب القلوب الضعيفة. لكن هل يحق لهذا التنظيم وحده أن يقرر ويضع أسس الدولة الإسلامية، وليس في العالم الإسلامي كله من يمشي خلفه كما كان الحال أيام أمراء المؤمنين؟ فإذا كان هدفه تطبيق الشريعة الإسلامية على الناس ـ كل الناس فهل هناك دولة على سطح الأرض تمارس الشريعة الإسلامية أفضل وأحسن مما يجري على ارض المملكة؟ وهل يشك احد في الدنيا أن خادم الحرمين الشريفين وحكومته وقضاءه، ومجلس الشورى والمشايخ ورجال القانون والشريعة لا يمارسون جميعا إلا الشريعة الإسلامية وسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ إذا كان تنظيم القاعدة يشك في هذه الحقيقة فهو جاهل لا محالة.

ألم تكن عملية 11 سبتمبر التي أنكرها بن لادن ثم اعترف بها (وأمراء المؤمنين لا يكذبون) هي السبب المباشر الذي أدى إلى غزو العراق بجيوش أميركا وحلفائها؟ ألم تعلن واشنطن مائة مرة أن غزو العراق هو محاولة لردع تنظيم القاعدة والقضاء على إرهابه؟

إن تنظيم القاعدة يذهب إلى المملكة برجال ليس لهم هدف سوى التخريب، وإلا فكيف يمكن لمقاتل مسلم سعودي أو يمني أو عربي أن يرتكب مثل هذه الجرائم التي لا يمكنها أن تميز الصديق من الشقيق من الغريب؟ أليس هذا هو الإرهاب بعينه؟ وهل يظن تنظيم القاعدة انه قادر بمجموعة من المجرمين المغرر بهم أن يغير نظام الحكم في المملكة، وهو النظام الوحيد في العالم العربي، وفي أكثر من ثلاثة أرباع العالم الغربي، الذي قام وصمد وما يزال صامدا منذ ثلاثة أرباع القرن. لقد سقطت شيوعية السوفيات بعد 70 عاما من الظلم، وسقطت معظم الأنظمة الملكية واليمينية والشخصانية، ولم يعد يقوم على خدمة الشعوب، سوى حكومات تفعل كل شيء من اجل سعادة ورفاهية أبنائها. فهل فكر تنظيم القاعدة ودرس وفحص ما فعلته المملكة لأبنائها وما حققته من تقدم ورخاء وامن؟ وهل حاول أن يعرف ماذا فعلت المملكة لفلسطين والفلسطينيين، وللعرب وقضاياهم، وللإسلام والمسلمين في شتى أنحاء الأرض، وهل يستطيع أن يقارن ولو لدقيقة واحدة، بين السعودية اليوم والسعودية قبل سبعين عاما؟ فإذا فعل فسوف يكتشف هو وعملاؤه أنهم لا يفعلون سوى ارتكابات إجرامية حمقاء لا فائدة من ورائها، فالجبال لا تهزها الرياح، والمؤمنون لا يكترثون للمارقين، والمملكة العربية السعودية واعية بدورها، ومدركة شؤونها ولا تفعل سوى ما يرضي الله ورسوله والمؤمنين. وإذا كان ينشد ممارسة أكثر ما هو متبع في المملكة، فمعنى ذلك انه لا يريد الا الإساءة للإسلام ولا يريد له النجاح. ثانيا: إذا كان تنظيم القاعدة يريد تحرير فلسطين، فلماذا لم يفعل عملا واحدا ضد إسرائيل، ولم يقدم ريالا واحدا لشعب فلسطين؟

إن ما ارتكبه تنظيم القاعدة في سبتمبر الشهير أساء إلى الحق العربي في الحرية والحضارة.. والى الحق الفلسطيني في فلسطين، بما لم تحققه جميع الحروب الإسرائيلية على العرب، فقد جعل بن لادن في عملية إرهابية استغرقت ساعة واحدة ـ كل اميركي وأوروبي وكل آسيوي وكل أفريقي ينظر إلى العرب نظرة شك وريبة. فالغرب اخذ يكره العرب وينتقم منهم بأشكال لا سابق لها، وأصدقاؤنا وحلفاؤنا في الشرق وفي آسيا وأفريقيا بدأوا ينظرون إلى العرب والعروبة نظرة سحبت منها كل معاني الحب والإعجاب والصداقة، والذي حدث في السجون العراقية... والذي حدث ويحدث في فلسطين هما نموذج عن كراهية الغرب لنا ولقضايانا. فهل هذا هو سبيل تحرير فلسطين الذي ينشده تنظيم القاعدة؟ إذا كان هذا هو السبيل، فليس من شك أن تنظيم القاعدة عميل لإسرائيل والغرب أو هو جاهل إلى درجة انه يفعل ما تريده إسرائيل دون أن يعي ما يفعل.. والجهل اخطر من العداوة بألف مقدار. ثالثا: إذا كان تنظيم القاعدة يريد التصدي للعناصر والجيوش الأجنبية في المملكة وجاراتها، فهل سأل نفسه مرة واحدة، حتى يعرف من هو المسؤول عن وجود هذه العناصر والأجانب!؟ ألم يكن الغزو العراقي للكويت سببا من أسباب خشية الخليجيين من جيوش صدام، فاضطروا لطلب المساعدة كي لا يسقط الخليج في يد جبار عنيد ومرتبك ولا يؤمن جانبه؟ أليس التصدي لهؤلاء بالقوة.. (وهي في كل حال قوة غبية غير مؤذية) سيجعل أميركا وحلفاءها اشد رغبة بالبقاء..

ولو من أجل ان تدافع عن جيوشها في الخليج ووجودها العسكري الاقتصادي..!

* كاتب فلسطيني