رد «عراقي» على تحية كويتية!

TT

منذ أشهر زعمنا في هذا العمود بالذات ان كل شيء في هذا العالم يتغير ويتبدل ويختلف، وان كل مكان في هذا العالم يشهد التغير والتبدل والاختلاف إلا مكان واحد وحيد، هو بغداد.

وبعد مضي أشهر لم نزل نرى الوضع على حاله.. العالم كله يتغير بين يوم وآخر، إلا بغداد. وهذا، بالطبع، من سوء حظ الشعب العراقي. فعدم تغير الحال في بغداد يعني ان الضوء، أو مجرد الشعاع، المرتقب في نهاية المحنة التي تعصف بالعراق منذ عشر سنين، بل عشرين سنة وأزيد، لم يلح بعد، ولا يبدو انه وشيك الانبثاق.

الاسبوع الماضي كتبت احدى الصحف الكويتية المرموقة تدعو الى شكل من اشكال رفع العقوبات عن العراق، ملاحظة بصواب، ان هذه العقوبات انما تعاقب الشعب العراقي وليس النظام الذي ارتكب الجرم الشنيع في الكويت.

ومقال الصحيفة، الذي لا شك في انه يعبر عن تيار شعبي واسع في الكويت، تحول الى موقف شبه حكومي عندما محضه الشيخ صباح الأحمد، علناً، رضاه عنه وتأييده له. فالرجل الثالث في الحكم الكويتي لم يكن يمزح أو يعبث بالكلمات.

ولو كانت في رؤوس الحاكمين في العراق بقية من عقل سليم ورأي صائب لردت بغداد على التحية الكويتية بمثلها في الأقل، إن لم يكن بأحسن منها. فبغداد هي المعتدية في الأصل وهي المحاصرة الآن وهي التي ما انفكت تشكو مر الشكوى من ان الكويت هي التي تحول دون رفع العقوبات. لكن، كما يقول المثل العراقي «ابو العادة ما يبطل (يكف عن) عادته»، فبغداد الحاكمة اختارت ان ترد بأسلوبها المعهود: السباب والتهديد بسحب الاعتراف بالحدود الكويتية.

قبل شهر ايضا رد الحاكمون في بغداد بسماجة مماثلة على تحية القمة الخليجية، فقد شتموا مجلس التعاون الخليجي الذي سعوا في الماضي الى الانضمام اليه، وما زالوا يتطلعون الى ذلك.. لقيادته والهيمنة عليه.

ولم يكن ذلك الموقف من حُسن الفِطَن. فهو لا ينم عن احترام لدولتين في المجلس، هما قطر والامارات، بذلتا جهودا واضحة للانفتاح على بغداد.

لو كان الحكم في بغداد مهموما بمصالح العراق، ولو كان مشغولا بمصير شعب العراق، ولو بمقدار رأس دبوس، لكان تصرف بطريقة مختلفة تجاه التغير في الموقفين الخليجي والكويتي.

وفي الأساس لو كان كذلك ما كان ليتنقل بالعراق من محنة الى اخرى ومن كارثة الى ثانية ومن سوء تصرف الى سوء تدبير.