مخاض دمشق

TT

اكتب من دمشق، حيث يدور حوار يستحق المتابعة بين اطراف عديدة في المجتمع السوري وحيث تبدو المسألة للمراقب نوعا من البحث عن عقد اجتماعي جديد بين اطراف عديدة في المجتمع.

هناك لجان من المثقفين بدأت تنشط باسم «احياء المجتمع المدني» وهؤلاء يدعون الى مزيد من الحريات والى الشفافية السياسية والاقتصادية، ورغم ان هذه اللجان غير مرخصة إلا انها تعمل دون تدخلات من الاجهزة الامنية، وهناك احزاب تقليدية يمثلها حزب البعث الحاكم وبقية اطراف الجبهة الوطنية، وهؤلاء يجدون في الصيغة التقليدية ما يكفي وربما يزيد، وهناك اجهزة في الدولة متململة من التوجهات الاصلاحية الجديدة، ولكنها تقف عاجزة لان القيادة السورية الجديدة التي يمثلها الرئيس بشار الاسد طرحت رؤى جديدة انفتاحية وتحدثت بلغة لم يألفها البعض الذي ربما يرى في الاصلاح السياسي والاقتصادي وفي الشفافية خطرا على امتيازات كبيرة موروثة.

سورية تعيش مخاضا يستحق المتابعة. فهناك اراض سورية محتلة وهو ما يتطلب وحدة الموقف الوطني، وهناك ملاحظات جدية حول مسيرة العمل السياسي، وهناك قيادة شابة جادة وتطرح ما هو جديد في مجال الاصلاح السياسي والديمقراطي، وهناك اجهزة تقليدية وبعض عناصر ربما ترى في الاصلاح خطرا على امتيازات كثيرة موروثة. لكن المهم ان هذا المخاض هو في النهاية لصالح المجتمع السوري الذي لديه الكثير من الامكانيات البشرية والفكرية، وسورية المنفتحة والقوية في الداخل ستكون اقوى في مواجهة المحتلين، وسورية لديها طاقات وامكانيات هائلة يمكن ان تقلب الحياة الرتيبة، والاقتصاد البطيء وتحول سورية الى دولة فاعلة منافسة في عالم لم يعد يحتمل البطء في القرار، والتردد في التنفيذ.