من جورج دبليو بوش.. إلى توماس فريدمان

TT

«عزيزي توم..

دعني اقدم نفسي أولا. فأنا رئيس الولايات المتحدة الأميركية، لذا أجد نفسي مسؤولا عن السياسة الخارجية للبلاد وعن كل اتصالاتي الرسمية بزعماء الدول الأخرى.

اخترت حكومة متميزة لمساعدتي في هذه المسائل. وبمساعدة نائبي، ريتشارد تشيني، ووزير الخارجية، كولين باول، ووزير الدفاع، دونالد رامسفيلد، سنقرر كيف ومتى نتصل بالحكومات الأجنبية، كما سنحدد طبيعة محتوى اتصالاتنا.

ربما تتساءل عن الاتجاه الذي سيفضي إليه مدخلي هذا. من باب الوضوح أود ان أقول انني ليست في حاجة إلى مساعدة لم التمسها منك، لذا أرجو الا تقدم لي أي مساعدة من هذا النوع.

أقول ذلك لانني لاحظت ممارسة غريبة من جانبك تتمثل في كتابتك رسائل إلى العديد من الرؤساء العرب متظاهرا بأن كاتب تلك الرسائل هو سلفي الرئيس بيل كلينتون.

أود ان أقول بكل وضوح هنا انني وجدت ذلك غريبا وخطرا في الوقت نفسه. افترض ان أي شخص يريد ان يصبح الرئيس وأعرف انني فعلت ذلك. ولكن بدلا عن الادعاء بأنني كنت الرئيس ومن ثم توقيع اسم والدي على رسائلي الوهمية (كل ما يمكن ان افعله هو حذف حرف W) اتبعت الطريقة الصحيحة. عملت جاهدا لمدة عامين لخوض معركة الرئاسة وكسبت حملة صعبة في السباق التمهيدي ومعركة انتخابية شرسة في ما بعد. اكتسبت الآن الحق في استخدام اللقب وكتابة رسائلي.

الرئيس بيل كلينتون فعل الشيء ذاته وحمل لقب الرئيس مرتين. أنت لم تفعل ذلك. ولأنك في حاجة إلى توجيه أشياء مذلة وقاسية إلى القادة العرب، ولأنك ترغب في ان تؤخذ إهاناتك بطريقة جادة، فقد درجت على توقيع رسائلك باسم الرئيس بيل كلينتون.

ربما ظننت ان ذلك سيعطي كلماتك المزيد من السلطة، غير ان ذلك أضفى على رسائلك طابع الاحتيال والخطورة.

الاحتيال لأنها رسائل غير حقيقية، والخطورة تكمن في ان بعض الناس صدقوا ان هذه الرسائل اما حث على كتابتها كلينتون أو حتى كتبها بنفسه. علمت من بعض المستشارين ان بعض الصحف العربية ترجمت هذه الرسائل إلى اللغة العربية ونشرتها كما ظهرت على صفحات «نيويورك تايمز». ونسبة لأنك لم تذكر في أي مكان في الصحيفة ان هذه الرسائل لا تعدو ان تكون خيالا فقط، فإن بعض القراء العرب ظنوا ان كلمات الرسائل تعود للرئيس.

كتبت خلال العام السابق خمسا من هذه الرسائل. فعندما كان الرئيس بيل كلينتون يعمل مع الرئيس المصري حسني مبارك من اجل توصل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى اتفاق سلام، كتبت رسائل أسأت فيها الى مبارك. هاجمت كذلك الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وابنه، الرئيس الحالي بشار الأسد، بالإضافة إلى قطع أخرى تهاجم فيها هدفك المفضل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وكل ذلك باسم الرئيس كلينتون.

هنا يا توم نرسم الخط الفاصل. لا يمكن ان تستمر في استخدام اسم الرئيس لتسوية حساباتك الشخصية، خصوصا في وقت نحاول فيه تطبيق سياسة خارجية في منطقة الشرق الأوسط الحساسة.

عزيزي توم، إذا كانت لديك مشكلة مع الزعماء العرب ولا تزال ترغب في الإساءة إليهم دعني اطرح عليك بعض الاقتراحات. أولا، فكرة عظيمة: اكتب رسائل تستخدم فيها اسمك الحقيقي، أو بإمكانك استخدام أي اسم آخر ما عدا اسم رئيس على قيد الحياة. إذا شعرت، على سبيل المثال، انك ليس مطمئنا لاستخدام اسمك الشخصي يمكنك استخدام اسم مثل جورج واشنطن، فهو اسم جيد ومحترم. ما أريد قوله هو انك لا ينبغي ان تستخدم اسمي تحت أي ظرف من الظروف.

اعلم انك تتحدث عن حرية الصحافة وانك على صواب. لا يمكن ان أضعك في الحبس لتمثيل شخصية الرئيس ولا يمكن ان أفصلك من عملك. أدرك ان أصدقاءك الصحافيين سينتقدونني بعنف إذا حاولت، على سبيل المثال، التنصت على هواتفك.

دعني أغير الاتجاه هنا، أحاول مسارا آخر. كزعيم للعالم الحر دعني أناشدك كممثل للصحافة الحرة بان تكون مسؤولا عندما تكتب. كن محترما في انتقاداتك وأمينا في عرضك لمختلف الجوانب. إذا لم تكن ثمة فائدة في كل ذلك، فعليك بالتفكير في ترشيح نفسك لانتخابات الرئاسة لعام .2004 إذا كسبت فسيكون لك الحق في استخدام اللقب وسيصبح بوسعك كتابة كل الرسائل التي تريد.

المخلص جورج دبليو بوش»

* رئيس المعهد العربي الأميركي بواشنطن ـ الرسالة من تصور الكاتب [email protected]