كيف سقط شيوعيو الصين في «ميدان التعاسة»

TT

اليوم تكون قد مرت علي 15 سنة، عندما وقفت في الركن الشمالي الشرقي من ميدان تياننمين وشاهدت الصين مصابة بالجنون.

كان الحزب الشيوعي يرد على مطالب ملايين من المتظاهرين الذين جعلوا ميدان تياننمين مركزا لحركة الديمقراطية التي استمرت سبعة اسابيع.

كنت في شقتي في بكين، عندما سمعت ان القوات المسلحة فتحت النار وتحاول اقتحام الميدان. أسرعت الى الميدان على دراجتي، متجنبا حواجز الدبابات التي اقامها المحتجون.

في تلك الليلة، انتشرت اصوات الطلقات النارية ،ووقع الحزب الشيوعي، قرار وفاته. وكما كتب لو شون، الكاتب اليساري العظيم الذي كان ماو يحبه، بعد مذبحة في عام 1926 «ليست هذه خاتمة حادث، ولكنها بداية جديدة. ان الاكاذيب المكتوبة بالحبر لا يمكن ابدا ان تخفي حقائق كتبت بالدماء».

ولذا، بعد 15 سنة من تياننمين، يمكن مشاهدة الحزب الشيوعي وهو يتحلل، فالقادة الشيوخ في عام 1989، الذين امروا بمواجهة حركة الاحتجاج، انتصروا في المعركة ولكنهم خسروا الحرب: ان الصين اليوم لم تعد دولة شيوعية بأي معنى من المعاني.

لم تتحقق التعددية السياسية، غير ان التعددية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحققت. لقد انتهى الصراع من اجل روح الصين، فالصين لم تعد المتراس الاشتراكي الذي كان يسعى المتشددون له، ولكنها اصبحت دولة اقتصاد السوق الذي سعى اليه جاو زيانغ، الزعيم الذي وقع ضده انقلاب في عام 1989. لقد خسر الاصلاحيون وظائفهم، ولكنهم سيطروا على مستقبل الصين. وإذا ما استعدنا احداث الماضي وجدنا الشيوعيين المتشددين على حق في امر واحد: لقد حذروا بشدة من استحالة الحصول على الاستثمارات الغربية، وإبعاد السموم الغربية، مثل الرأسمالية وأحلام «حرية البرجوازية» في الوقت ذاته. وكانوا يعلمون انه بعد اتاحة الفرصة للصينيين لمشاهدة افلام ايدي مورفي وارتداء الملابس الضيقة والتفكير فيما يمكن طلبه في مقاهي ستاربكس، تكون الثورة قد انتهت.

ولذا، فالشيوعية تتلاشى جزئيا بسبب التعامل الغربي مع الصين ـ التجارة والاستثمارات وحملة شهادات ادارة الاعمال ومايكل غوردن ومجلة «فوغ» انتصرت على ماركس. هذا واحد من الاسباب وراء ضرورة دعم التجارة الحرة والتبادل مع الصين، بدلا من التراجع وراء حواجز الحماية، كما يطالب البعض.

يقال عادة ان دولة، فقيرة ومتدنية التعليم وزراعية، لا يمكنها تعزيز الديمقراطية. ولكن وبالرغم من ذلك فإن اقوى ذكرياتي عن تلك الليلة قبل 15 سنة هي مشاهد الفلاحين الذين حضروا الى بكين لقيادة الريكشة.

وخلال فترات الهدوء، تمكنا من مشاهدة الجرحى، في منطقة معزولة بيننا وبين القوات، واردنا انقاذهم ولكن لم تكن لدينا الشجاعة. وفي الوقت الذي خاف معظمنا وبحثنا عن ساتر، كان سائقو الريكشة هم الذين اندفعوا مباشرة نحو القوات لالتقاط الجثث والجرحى.

واطلقت النار على بعضهم، ولكن الباقين انقذوا العديد من الارواح تلك الليلة. ونقلوا الجرحى الى المستشفيات على عرباتهم والدموع تنهمر من عيونهم. ومن الفظاظة القول إن مثل هؤلاء غير مستعدين للديمقراطية، عندما خاطروا بحياتهم من اجلها.

* خدمة «نيويورك تايمز»