نظام مطلوب جدا

TT

ينصب معظم النقاش حين التحدث عن الانظمة والقوانين المطلوب سنها على الشأن الاقتصادي تحديدا، هذا بالرغم من وجود الاحتياج الهائل والأكيد للفت الانتباه في العديد من المجالات الأخرى. ولعل أحد أهم تلك المجالات المطلوبة هو الاحوال الشخصية. وفي السعودية ووسط وجود نسبة طلاق غير عادية في مجتمعنا يبدو ان الطلاق واجراءاته وتبعياته بات بحاجة لنظرة جديدة وواقعية تراعى فيها الظروف بمختلف انواعها سواء أكان للزوج المطلق أو المطلقة أو الابناء. لأن الوضع كما يبدو عليه الآن خاضع للقاضي و« ظروف» القضية بعينها بعيدا عن الفكر الثابت والمؤسسي الذي يتعامل مع الوضع فيمنح الحق للطرف المغبون بسرعة وفعالية، وذلك لأن الوضع اليوم في المحاكم لا يمنح الآلية السلسة للزوجة بالذات في ان تتابع وتنفذ أحكام الحضانة والنفقة وغيرها من الواجبات والحقوق التي تمنحها لها الشريعة بصراحة ووضوح، الا انها قد تغبن حين الحكم والتنفيذ. وهذا بات مدعاة لأهمية وضرورة اصدار نظام للأحوال الشخصية يغطي كافة جوانب العلاقة ما بين الزوج والزوجة وأطراف العائلة بناء على الحقوق والواجبات الصريحة التي اقرتها ووضعتها الشريعة الاسلامية السمحاء. هذا الاصدار من شأنه ان يكرس الاتجاه المطلوب في تكريس بناء دولة انظمة وقوانين.

المصلحة العامة باتت تقتضي تقنين علاقة الميراث والطلاق والزواج بشكل لا يخضع الى الظروف الشخصية. وفي حال اصدار وتطبيق نظام الاحوال الشخصية بكامل بنوده ستتمكن الاسرة السعودية بكافة اعضائها من معرفة ما لها وما عليها بدون الدخول في متاهات التفاسير والاقاويل و«شخصنة» الآراء كما يحدث الآن. وهذه نقلة نوعية هائلة لو تمت فهي ستكون بمثابة طوق نجاة طال انتظاره لأرتال من النساء والأسر اللاتي مزقهن الطلاق وظلمتهن الاجراءات وحرمتهن التبعيات من الاتيان بحقوقهن كما قضت شريعة الله. مجلس الشورى مطالب بالنظر الدقيق في هذا الشأن الاجتماعي الحيوي والقيام بتقديم الحلول في اطار مؤسسي يمنح الاحترام للعلاقة ما بين الازواج بعد الطلاق. فالطلاق ليس فقط ابغض الحلال بل قد يتحول الى ابغض الظلم وابغض الجهل اذا ما ترك من دون تقنين، واذا كان المجتمع لا يستطيع منع حدوث الطلاق فهو مطالب بوقف المظالم التي تنجم بسببه. ونظام فعال وعادل وسوي للأحوال الشخصية خطوة قوية ومطلوبة في هذا الاتجاه.