كل الجهود لدعم الياور

TT

هذه المقالة ليست لدعم الياور لأنه الياور، فلو تم اختيار الباجه جي لكان عنوانها «كل الجهود لدعم الباجه جي»، ولو اختير ابراهيم الجعفري لنادت هذه المقالة عنوانا ومضمونا لدعمه، هذه المقالة تطالب بتوجيه كافة الجهود لدعم العراق كي يستعيد استقراره وعافيته الاقتصادية ويتخلص من الاحتلال.

لقد جاء اختيار الرئيس الشيخ غازي مشعل عجيل الياور، كبداية لعصر وعهد جديد في العراق. ولم يسبق أن حظي رئيس عراقي ـ وربما عربي ـ بمثل هذا الاجماع على اختياره في هذه المرحلة الحساسة. فالأكراد أعربوا عن اطمئنانهم له، ومراجع الشيعة عبرت عن تفاؤلها به، وباقي القوى السياسية وافقت على تأييدها له. ومع هذا فلا بد أن يكون هناك من هو ضد اختيار الياور. وهذا من طبيعة الأشياء ومن أساسيات بناء الديمقراطية، ناهيك من أن الظرف ليس ظرفا عاديا كي يتسنى إجراء الانتخابات العامة في هذه الفترة. فالانتخابات في اليابان جرت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بسبع سنوات. وجرت في ألمانيا بعد سقوط النازية بخمس سنوات. وإذا ما جرت الأمور على ما يرام فإنها ستجري في العراق العام المقبل. ومع أن البعض يشك في إمكانية إجرائها العام المقبل إلا أن هذه المسألة خاضعة لإرادة العراقيين وتطورات الأوضاع، وبالذات فيما يتعلق بالجانب الأمني.

هناك إجماع عربي على أن اختيار الياور كان اختيارا موفقا. فالكويت كانت أول من أبرق مهنئا، وكذا دول مجلس التعاون، لا بل إن أمين عام جامعة الدول العربية السيد عمرو موسى بنفسه رحب باختيار الياور.

الآمال ونفحات الأمل تسري في العراق هذه الأيام. ومهمة الرئيس الياور ورئيس الوزراء والحكومة العراقية الجديدة مهمة صعبة جدا. والمطلوب من كافة العراقيين الالتفاف حول القيادة الجديدة المؤقتة لاجتياز هذه المرحلة الدقيقة بأقل قدر ممكن من الفوضى والدماء. فهناك في العراق، وبين جيرانه، من لا يرغب في الاستقرار والديمقراطية. وهناك قوى عالمية لها أجندة مختلفة عن أجندة العراقيين.

على بعض العرب أن يتركوا العراق وشأنه في هذه المرحلة. فلعل أفضل أنواع الدعم للعراق والعراقيين أن يكف البعض عن اللعب في الشأن العراقي تحت مبررات مختلفة. وعلى الإعلام العربي أن ينظر بعين الرحمة والشفقة الى العراقيين الأبرياء الذين يسقطون يوميا ضحايا لدولاب دموي عابث. فالحلفاء سوف يتلاشون شيئا فشيئا. وسوف يعودون إلى ثكنات محصنة. وسيبقى العراق تحت راية المخلصين من أبنائه، وتحت سياط الحاقدين الذين شعروا بأن زمانهم قد ولّى من دون رجعة. وها هم يعانون سكرات الموت، ويحصدون بتفجيرات الحقد والجهل عشرات العراقيين الأبرياء. وما هذه الأعمال إلا مؤشرات الرمق الأخير قبل أن يلفظوا أرواحهم.

ولأيتام صدام نقول، لقد ولّى عهدكم بلا رجعة، وانتهى زمن الجحور، وبارت بضاعتكم، وولّى عصر الحناجر، وجاء عصر انتزاع آدمية الإنسان واسترجاع كرامته، وبزغ فجر جديد يبشر بعراق جديد. صحيح أن المسافة طويلة، وأن الطريق وعر وشاق، ولكن من يتمنى الخير للعراق مطالب بإعلان الانحياز لحزب التفاؤل، وتجديد العهد مع الأمل، وإن غدا لناظره قريب.