أمراض

TT

تتحدث الصحف السعودية عن ظهور مرض غامض جديد، والمرض اسمه حمى الضنك، وهو ينتقل عن طريق البعوض الذي ينتشر على المياه الراكدة. وظهر المرض للمرة الأولى في جدة (وهي المدينة التي لا تزال تئن من جراء بحيرة الصرف الصحي بها والتي لا تزال بلا عقوبة لمن تسبب بها).

وهذا المرض الذي اطلق عليه اسم حمى الضنك سجلت مؤخرا أول حالة وفاة بسببه وان كانت تبلغ حالات الاصابات به المسجلة رسميا 85 حالة حتى الآن منها 45 حالة ايجابية و33 حالة سلبية. وتنضم حمى الضنك كاضافة جديدة لسلسلة الامراض الفريدة التي تظهر في البلاد لاسباب مختلفة سواء أكان ذلك نتاج الوضع البيئي المتردي أو نتاج مواسم الحج والعمرة التي تظهر فيها الفيروسات والميكروبات الغريبة كل عام. وهذا كله بات يتطلب اسلوبا جديدا وغير اعتيادي للتعامل مع الامراض والظواهر الصحية الخاصة والمستعصية، وبات من الضروري انشاء مركز للأمراض والاوبئة على المستوى الوطني للاستفادة البحثية والمختبرية من جراء تلك الامراض ومعرفة اساليب التعامل معها بصورة عملية وفعالة مستقبلا، وتعميم التجربة بشكل اقتصادي و«بيعها» للدول الاخرى التي لديها نفس التحديات والمشاكل.

ويبدو ان التحدي الصحي الاعظم امام القطاعات الصحية السعودية هو كيفية الانتقال من فكر العلاج الى فكر البحث والوقاية، وعمل ذلك باسلوب مؤسسي مستدام يكرس الفكر والبحث العلمي، ويحسن من فعالية الاجهزة المسؤولة عن العلاج والدواء التي عليها مواجهة تلك الاوبئة.

من الاستعراض الموضوعي والبسيط لتاريخ الاوبئة والامراض في السعودية يبدو جليا انها في ازدياد مستمر وليست في انحسار أو نقصان، وبالتالي يبدو أن الاستراتيجية المطلوبة هي تكثيف القدرة والموارد باتجاه التحليل والبحث المتعمق في اسباب ظهور الاوبئة، والحد من انتشارها بدلا من التعامل معها «فقط» حين انتشارها.

هناك فكر جديد واسلوب مختلف مطلوب أن يعمم في الجهاز الصحي الوطني باكمله، فكر يخاطب التحدي بصورة علمية واقتصادية بعيدا تماما عن النمط والاسلوب المتبع اليوم. لقد صرف على القطاع الصحي آلاف الملايين من الريالات، وتم انشاء بنية تحتية مهمة، لكن يبدو انه يجب ان يعاد بناؤه اليوم ليواكب التطور الصحي للمهنة ومتطلباتها. ولعل إحدى أولى الخطوات المطلوبة هي تأسيس مركز بهذا الشكل. وهذا قد يكون النواة المطلوبة لاعادة تكوين القطاع الطبي باكمله فكرا وأداء، وهذا مطلب يسعى اليه الجميع.