رد إيراني على تعليق سوري في شأن عراقي

TT

باعتبار ان مصالح الدول والشعوب العربية تهم كل عربي، فردا كان ام مؤسسة، لانها تؤثر في مصالحه الشخصية والعامة، حق لاذاعة دمشق ان توجه يوم السبت الماضي نقدها ولومها الى الحكومة الانتقالية في العراق.

وقد انصب نقد الاذاعة السورية على اعلان رئيس الحكومة السيد اياد علاوي، ووزير خارجيتها السيد هوشيار زيباري انهما سيطلبان من قوات التحالف البقاء في العراق لمساعدته في ضمان امنه، وعلى وصف بيان الحكومة قوات التحالف بانها «قوات متعددة الجنسيات»، واعتباره (البيان) «اي عمل مقاوم داخل العراق، ولا سيما ضد قوات الاحتلال بانه ارهاب تقتضي محاربته».

وبغض النظر عما اذا كانت صائبة ام خاطئة في موقفها، فان اذاعة دمشق، كمؤسسة اعلامية عربية، يحق لها تماما ان تقول هذا الكلام، مثلما يحق لمؤسسات الاعلام العربي ان تبدي ملاحظاتها ونقدها للسياسة السورية اذا ما كان ذلك ضروريا ويهدف الى صيانة المصالح العربية. لكننا هنا لسنا في معرض تقييم اي من السياسات السورية، وانما الوقوف عند ما قالته اذاعة دمشق.

ومن محاسن الصدف انه في اليوم الذي بثت فيه الاذاعة السورية تعليقها الانتقادي كان احد المسؤولين الايرانيين يعلن عن تطوع الآلاف من الايرانيين للقيام بهجمات وعمليات انتحارية في العراق وفلسطين. ولان ايران تحد العراق من الشرق على مسافة تزيد عن الف كيلومتر فيما تقوم بينها وبين فلسسطين جبال ووديان وانهار وبراري وصحارى وسدود وحدود ودول، فلنا ان نستنتج ان حملة التطويع التي تقوم بها «لجنة تكريم شهداء الحملة الاسلامية العالمية» الايرانية انما تهدف الى اعداد ارهابيين ايرانيين وتنظيم عمليات ارهابية ايرانية في العراق تضاف الى العمليات الارهابية التي تقوم بها فلول نظام البعث المنهار وعناصر «القاعدة» والميليشيات الاصولية المتطرفة الاخرى (سنية وشيعية) وعصابات الجريمة المنظمة.

الاعلان الايراني الجديد عن حملة تطويع الارهابيين لتجنيدهم في العمل داخل العراق (وفلسطين!) يفسر لاذاعة دمشق لماذا تضطر الحكومة العراقية الانتقالية لان تطلب ابقاء قوات الاحتلال لمساعدتها في حفظ الامن.. الامن الذي تخلى جيران العراق، وبخاصة العرب منهم، عن مسؤوليتهم في المساعدة على ضمانه وحفظه.. بل ان بعضهم، اكثرهم بالاحرى، ساعد، وما يزال، على عدم ضمانه وحفظه مع ان لهذا عواقب وخيمة على جيران العراق انفسهم اذا ما انتصر الارهابيون في العراق.

ربما اعتقد جيران العراق من عرب وعجم انهم يعاقبون الاميركيين والبريطانيين وسائر الحلفاء، وهم في الواقع انما يعاقبون الشعب العراقي، فاعمال العنف والارهاب المتواصلة في العراق بدعم عربي وعجمي مباشر من خلال تقديم الاسلحة والاموال وتسهيلات المرور عبر الحدود، وغير مباشر من خلال حملات التشجيع والتحريض والتصفيق للارهابيين واعمال الارهاب في اجهزة الاعلام وتصريحات المسؤولين الرسميين كبارا وصغارا.. هذه الاعمال كلها يذهب ضحية لها المدنيون العراقيون وعناصر الشرطة والجيش وقوة الدفاع المدني التي يجري اعدادها لحفظ الامن في البلاد والتعجيل في اخراج المحتلين، وتتضرر في هذه الاعمال ممتلكات العراقيين ومصالحهم.

جيران العراق، العرب منهم والعجم، يعاقبون الشعب العراقي عن ذنب لم يرتكبه، فالذي جاء بقوات الاحتلال الى العراق هو صدام حسين ونظام البعث المنهار. واولى بهؤلاء الجيران، اذا كانوا حقا مناهضين للاحتلال، ان يوقفوا دعمهم المباشر وغير المباشر للارهابيين واعمالهم داخل العراق. وفي الاقل ان يضبطوا حدودهم ويمنعوا عبور الارهابيين منها وان يمتنعوا عن تنظيم حملات التطويع علنا كما يجري في ايران او سرا كما يجري في بعض دول الجوار العربية.