أربعائيات ـ الرحلة القصيرة!!

TT

لحظتان نادرتان يعجز البشر عن استيعابهما رغم كل الثورة العلمية والتكنولوجية.

يظل الانسان عاجزاً من فهم هاتين اللحظتين، لذلك تنتشر الكراهية، وتنتشر الحروب وتتصرف الامم والشعوب وكأنها قطعان من الذئاب المتوحشة وليس فصيلاً جميلاً من الغزلان!

لحظة الولادة، ولحظة الموت، وما بينهما من رحلة قصيرة كرمشة عين، كومضة برق، كلحظة لقاء عاشقين.. بين صرخة الولادة، وحشرجة الموت، رحلة لا يريد الانسان ان يستوعبها ولا ان يتعلم منها درس الدروس، ونهاية النهايات.

ان الرحلة قصيرة، وان الاعتقاد بأن الانسان مخلد الى الابد، وان الرحلة تستحق عناء الكراهية والجشع، والاعتقاد بأن الانسان يصعد المجد على جثة اخيه الانسان، ويصبح ثرياً عبر سرقة وافقار الاخرين، ويصبح نجماً على حساب انطفاء الاخرين، خرافات واوهام صنعها الانسان في لحظة كذب ونفاق واقام عليها نتائج خطيرة، فكان ان انتشرت الكراهية وعمت الحروب وضاع احترام الانسان لاخيه الانسان عبر الكلمة المتوحشة، وفوضى الاقتصاد والاجتماع وفوضى السيارات في الشوارع!!

ليتنا نعيد قراءة الرحلة. نؤمن ونعتقد بانها قصيرة، ان لقمة صغيرة شريفة ستملأ بطوننا وتجعلنا ننام باطمئنان على مخداتنا، ان المسألة نسبية، فكل طمع الدنيا لن يوقف غرور من سيطرت عليه نزعة الاستهلاك واعتقد ان المظاهر اهم من الجواهر، وان القشرة اعظم من اللب، وان الكذب الاستثناء اهم واعظم من الصدق ـ القاعدة!!

ليتنا ننزل من عليائنا المصطنعة الى انسانيتنا البسيطة، من الريش المنتفش، وأوهام الانتفاخ الكاذب الى دنيا البساطة فنعلم، ان الوردة اكثر كرماً من اكثرنا كرماً، وان الموجة اكثر تهذيبا من اساتذة البروتوكول، وان وجوه الاطفال اكثر صدقاً من الابتسامات الصفراء والمجاملات التي لا تنتهي!!

هناك نوارس كثيرة انكسرت اجنحتها ولكنها لم تفقد الامل في انها ستطير من جديد، هناك غزلان برية شاردة اصابتها طلقة مجنونة فانكفأت على أمل ان تعود للانطلاق من جديد!!

نحن مثل النوارس، ومثل الغزلان الشاردة، ولكننا لا نريد ان نقف في لحظة صدق لنتعلم كم هي رحلة جميلة... بين صرخة الولادة وحشرجة الموت.