قمة الثماني.. أثرياء يزدادون ثراء بإفقار الآخرين

TT

سنويا يلتقي قادة الدول الاكثر ثراء فوق كوكبنا الأرضي، يلتقون تحت مسميات وعناوين براقة، ثم بعد يومين من المناقشات المتفق على مجمل تفاصيلها سلفا فيما بينهم، يختتمون ببيان يكاد يوحي لمن يسمعه: ان مشاكل الانسانية في كافة ارجاء المعمورة سيقضى عليها نهائيا!! فلا (جوع)، ولا (أمراض)، ولا (حروب)!! حيث سيعم الرخاء ليشمل كل من يعيشون فوق هذا الكوكب!!

في اجتماعات نادي الاغنياء، مبكيات ومضحكات!.. فالاحصاءات التي اجريت في العقد الماضي كلها تؤكد ان البشرية في الزمن الراهن، قد حققت ـ وللمرة الاولى في التاريخ ـ وفرة في الثروات تتجاوز في حجمها حاجيات الانسان بآلاف المرات، بل وتتخطى احتياجاته الاساسية!! فإذا كان ذلك صحيحا!! وهو بالقطع صحيح،

اذا لماذا يموت في العالم كل يوم اكثر من مئة الف انسان... بسبب الجوع، او بسبب آثاره المباشرة؟!

ولماذا يوجد الآن 826 مليون انسان يعانون من سوء التغذية المزمن؟! اي ان هناك 24% من سكان الارض يقعون فريسة لامراض سوء التغذية! وتشير التقارير الى انه في كل سبع ثوان يموت طفل في اكثر من (18) بلداً افريقياً، وفي هاييتي وافغانستان وبنجلاديش وكوريا الشمالية ومنغوليا، وغيرها من بلدان اخرى.

هذا ما اورده تقرير منظمة الاغذية والزراعة العالمية (الفاو) التابعة للامم المتحدة في عامي (2000، 2001).

* ان من يعيشون فوق الكوكب الارضي، يقتربون الآن في تعدادهم من الستة مليارات من البشر، ويعيش اكثر من مليارين منهم ـ حسب تقارير الامم المتحدة ـ في حالة من البؤس المطلق، فلا دخل ثابت، ولا عمل منظم، ومن دون سكن لائق، ولا رعاية صحية، او مياه صالحة للشرب، ناهيك من تفشي الامية وانعدام الحد الادنى من التعليم.

* وسنتجاوز في حديثنا عن نادي الاغنياء ذكر الحروب وفجائعها، وما تسببه من كوارث ودمار للبشرية هنا وهناك!! ومن هم مشعلوها؟!.. ومنفذوها؟!.. والمستفيدون منها؟!.. ولنتساءل: هل حقا ان تلك الدول الغنية تريد ان يعم الرخاء فوق كوكبنا الأرضي، كما تزعم في بياناتها المتكررة؟!.. يجيب على السؤال ـ عالم اللاهوت في جامعة زيورخ ـ الدكتور وولترهويونييج بالقول:

«.. ان وساوس الجشع غير المحدود لاثريائنا، والمقترن بالفساد الذي تمارسه النخب في البلدان الاخرى يشكلان مؤامرة قتل ضخمة.. وكل يوم.. وفي كل مكان في العالم!!».

فأعضاء نادي الاثرياء يمارسون حق الحياة والموت على البشر، عندما يجتمعون ليخططوا الاستراتيجيات في كيفية انجاح استثماراتهم بوسائل مختلفة، حتى ان كان البعض منها يدعو الى تدمير البشر!!

فهؤلاء الاثرياء، ما يهمهم في استثماراتهم، وبمضارباتهم النقدية، وبتحالفاتهم السياسية، انما يقررون من له حق العيش فوق هذا الكوكب ومن هو المحكوم عليه بالفناء!! وان تظاهروا بالخلاف في ما بينهم، كما حدث في اجتماع جنوا عام 2001، وفي بورتو اليجيري عام 2002، الا انهم سرعان ما يتفقون، فلا يمكن للواحد منهم ان يتنازل عن موقع القوة او التفريط في شهوة القيادة، فهم يدافعون بأنيابهم واظافرهم عن خصخصة العالم التي تضفي عليهم تلك الامتيازات من الثروات الخرافية التي يبتزونها من كدح الكادحين في العالم.

ولا يهم اعضاء نادي الاغنياء ذلك الدمار او تلك الآلام التي تعاني منها الشعوب، فلماذا يهتمون؟! أليست دعوة بعض رؤساء تلك الشعوب كافيه؟!

ولهذا فانهم يفتشون عن استنباط اساليب جديدة لبسط امبراطورياتهم الاقتصادية على مافيات شبه رسمية تساهم فيها مؤسساتهم العسكرية والمالية، ومراكز دراساتهم الاستراتيجية، وبسط نفوذهم على البنك الدولي!!

اما في خارج اوطانهم، فلهم اعوانهم ممن لا تهمهم مصلحة اوطانهم، بقدر ما تهمهم مصالحهم الخاصة..!!

فنادي الاثرياء لا يمكن له ان يبقى مقتصرا حصريا على الثماني الكبار لولا تواطؤ الصغار!!.. فالفساد المنظم على اعلى المستويات في العالم هو الذي يبسط للاثرياء الكبار نفوذهم في العالم.

* والشعار المرفوع في اجتماع جورجيا هو (الاصلاح)، ونحن كشعوب مستضعفة مع هذا الاصلاح الذي يصبّ في صالح الشعوب، وليس (الاصلاح) الذي يصبّ في خدمة مصالح نادي الاثرياء.